للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَتَنَازَعَ الْمُسْلِمُونَ فِي زِيَارَةِ الْقُبُورِ فَقَالَ طَائِفَةٌ مِنْ السَّلَفِ إنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ مَنْهِيٌّ عَنْهُ لَمْ يُنْسَخْ فَإِنَّ أَحَادِيثَ النَّسْخِ لَمْ يَرْوِهَا الْبُخَارِيُّ وَلَمْ تَشْتَهِرْ. وَلَمَّا ذَكَرَ الْبُخَارِيُّ زِيَارَةَ الْقُبُورِ. احْتَجَّ بِحَدِيثِ الْمَرْأَةِ الَّتِي بَكَتْ عِنْدَ الْقَبْرِ. وَنَقَلَ ابْنُ بَطَّالٍ عَنْ الشَّعْبِيِّ أَنَّهُ قَالَ: لَوْلَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ لَزُرْت قَبْرَ ابْنِي. وَقَالَ النَّخَعِي: كَانُوا يَكْرَهُونَ زِيَارَةَ الْقُبُورِ وَعَنْ ابْنِ سِيرِين مِثْلُهُ. قَالَ ابْنُ بَطَّالٍ: وَقَدْ سُئِلَ مَالِكٌ عَنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ فَقَالَ؛ قَدْ كَانَ نَهَى عَنْهَا عَلَيْهِ السَّلَامُ ثُمَّ أَذِنَ فِيهَا فَلَوْ فَعَلَ ذَلِكَ إنْسَانٌ وَلَمْ يَقُلْ إلَّا خَيْرًا لَمْ أَرَ بِذَلِكَ بَأْسًا وَلَيْسَ مِنْ عَمَلِ النَّاسِ. وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يُضَعِّفُ زِيَارَتَهَا. وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ نَهَى أَوَّلًا عَنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ. فَقِيلَ: لِأَنَّ ذَلِكَ يُفْضِي إلَى الشِّرْكِ. وَقِيلَ لِأَجْلِ النِّيَاحَةِ عِنْدَهَا. وَقِيلَ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَتَفَاخَرُونَ بِهَا. وَقَدْ ذَكَرَ طَائِفَةٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ فِي قَوْله تَعَالَى {أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ} {حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ} أَنَّهُمْ كَانُوا يَتَكَاثَرُونَ بِقُبُورِ الْمَوْتَى. وَمِمَّنْ ذَكَرَهُ ابْنُ عَطِيَّةَ فِي تَفْسِيرِهِ قَالَ: وَهَذَا تَأْنِيبٌ عَلَى الْإِكْثَارِ مِنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ أَيْ حَتَّى جَعَلْتُمْ أَشْغَالَكُمْ الْقَاطِعَةَ لَكُمْ عَنْ الْعِبَادَةِ وَالْعِلْمِ زِيَارَةَ الْقُبُورِ تَكَثُّرًا بِمَنْ سَلَفَ وَإِشَادَةً بِذِكْرِهِ. ثُمَّ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {كُنْت نَهَيْتُكُمْ عَنْ زِيَارَةِ