الْفَاقِدِ لِرَاحِلَتِهِ عَلَيْهَا طَعَامُهُ وَشَرَابُهُ فِي أَرْضٍ دَوِيَّةٍ مُهْلِكَةٍ إذَا نَامَ آيِسًا مِنْهَا ثُمَّ اسْتَيْقَظَ فَوَجَدَهَا فَاَللَّهُ أَشَدُّ فَرَحًا بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ مِنْ هَذَا بِرَاحِلَتِهِ وَهَذَا يَتَعَلَّقُ بِهِ أُمُورٌ جَلِيلَةٌ قَدْ بَسَطْنَاهَا وَشَرَحْنَاهَا فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ. وَالتَّوَكُّلُ وَالِاسْتِعَانَةُ لِلْعَبْدِ لِأَنَّهُ هُوَ الْوَسِيلَةُ وَالطَّرِيقُ الَّذِي يَنَالُ بِهِ مَقْصُودَهُ وَمَطْلُوبَهُ مِنْ الْعِبَادَةِ فَالِاسْتِعَانَةُ كَالدُّعَاءِ وَالْمَسْأَلَةِ وَقَدْ رَوَى الطَّبَرَانِي فِي كِتَابِ الدُّعَاءِ {عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: يَا ابْنَ آدَمَ إنَّمَا هِيَ أَرْبَعٌ وَاحِدَةٌ لِي وَوَاحِدَةٌ لَك وَوَاحِدَةٌ بَيْنِي وَبَيْنَك وَوَاحِدَةٌ بَيْنَك وَبَيْنَ خَلْقِي. فَأَمَّا الَّتِي لِي فَتَعْبُدُنِي لَا تُشْرِكُ بِي شَيْئًا وَأَمَّا الَّتِي هِيَ لَك فَعَمَلُك أُجَازِيك بِهِ أَحْوَجَ مَا تَكُونُ إلَيْهِ وَأَمَّا الَّتِي بَيْنِي وَبَيْنَك فَمِنْك الدُّعَاءُ وَعَلَيَّ الْإِجَابَةُ وَأَمَّا الَّتِي بَيْنَك وَبَيْنَ خَلْقِي فَأْتِ لِلنَّاسِ مَا تُحِبُّ أَنْ يَأْتُوا إلَيْك} وَكَوْنُ هَذَا لِلَّهِ وَهَذَا لِلْعَبْدِ هُوَ بِاعْتِبَارِ تَعَلُّقِ الْمَحَبَّةِ وَالرِّضَا ابْتِدَاءً فَإِنَّ الْعَبْدَ ابْتِدَاءً يُحِبُّ وَيُرِيدُ مَا يَرَاهُ مُلَائِمًا لَهُ وَاَللَّهُ تَعَالَى يُحِبُّ وَيَرْضَى مَا هُوَ الْغَايَةُ الْمَقْصُودَةُ فِي رِضَاهُ وَيُحِبُّ الْوَسِيلَةَ تَبَعًا لِذَلِكَ وَإِلَّا فَكُلٌّ مَأْمُورٌ بِهِ فَمَنْفَعَتُهُ عَائِدَةٌ عَلَى الْعَبْدِ وَكُلُّ ذَلِكَ يُحِبُّهُ اللَّهُ وَيَرْضَاهُ وَعَلَى هَذَا فَاَلَّذِي ظَنَّ أَنَّ التَّوَكُّلَ مِنْ الْمَقَامَاتِ الْعَامَّةِ ظَنَّ أَنَّ التَّوَكُّلَ لَا يُطْلَبُ بِهِ إلَّا حُظُوظُ الدُّنْيَا وَهُوَ غَلَطٌ بَلْ التَّوَكُّلُ فِي الْأُمُورِ الدِّينِيَّةِ أَعْظَمُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute