للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تُنْفِقَ نَفَقَةً تَبْتَغِي بِهَا وَجْهَ اللَّهِ إلَّا ازْدَدْت بِهَا دَرَجَةً وَرِفْعَةً حَتَّى اللُّقْمَةَ تَضَعُهَا فِي فِي امْرَأَتِك} فَأَخْبَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ اللَّهَ يَلُومُ عَلَى الْعَجْزِ الَّذِي هُوَ ضِدُّ الْكَيْسِ وَهُوَ التَّفْرِيطُ فِيمَا يُؤْمَرُ بِفِعْلِهِ فَإِنَّ ذَلِكَ يُنَافِي الْقُدْرَةَ الْمُقَارِنَةَ لِلْفِعْلِ. وَإِنْ كَانَ لَا يُنَافِي الْقُدْرَةَ الْمُتَقَدِّمَةَ الَّتِي هِيَ مَنَاطُ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ. فَإِنَّ الِاسْتِطَاعَةَ الَّتِي تُوجِبُ الْفِعْلَ تَكُونُ مُقَارِنَةً لَهُ وَلَا تَصْلُحُ إلَّا لِمَقْدُورِهَا كَمَا ذَكَرَهَا اللَّهُ تَعَالَى فِي قَوْلِهِ {مَا كَانُوا يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ} وَفِي قَوْلِهِ: {وَكَانُوا لَا يَسْتَطِيعُونَ سَمْعًا} وَأَمَّا الِاسْتِطَاعَةُ الَّتِي يَتَعَلَّقُ بِهَا الْأَمْرُ وَالنَّهْيُ فَتِلْكَ قَدْ يَقْتَرِنُ بِهَا الْفِعْلُ وَقَدْ لَا يَقْتَرِنُ. كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إلَيْهِ سَبِيلًا} {وَقَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ صَلِّ قَائِمًا فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَقَاعِدًا فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَعَلَى جَنْبٍ} . فَهَذَا الْمَوْضِعُ قد انقسم النَّاسُ فِيهِ إلَى " أَرْبَعَةِ أَقْسَامٍ ": قَوْمٌ يَنْظُرُونَ إلَى جَانِبِ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ وَالْعِبَادَةِ وَالطَّاعَةِ شَاهِدِينَ لِإِلَهِيَّةِ الرَّبِّ سُبْحَانَهُ الَّذِي أُمِرُوا أَنْ يَعْبُدُوهُ وَلَا يَنْظُرُونَ إلَى جَانِبِ الْقَضَاءِ وَالْقَدَرِ وَالتَّوَكُّلِ وَالِاسْتِعَانَةِ وَهُوَ حَالُ كَثِيرٍ مِنْ الْمُتَفَقِّهَةِ وَالْمُتَعَبِّدَةِ؛ فَهُمْ مَعَ حُسْنِ قَصْدِهِمْ وَتَعْظِيمِهِمْ لِحُرُمَاتِ اللَّهِ وَلِشَعَائِرِهِ يَغْلِبُ عَلَيْهِمْ الضَّعْفُ وَالْعَجْزُ وَالْخِذْلَانُ؛ لِأَنَّ الِاسْتِعَانَةَ بِاَللَّهِ وَالتَّوَكُّلَ عَلَيْهِ واللجأ إلَيْهِ وَالدُّعَاءَ لَهُ هِيَ الَّتِي تُقَوِّي الْعَبْدَ وَتُيَسِّرُ عَلَيْهِ الْأُمُورَ.