للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَمَنْ قَالَ: إنَّ إبْرَاهِيمَ الْخَلِيلَ وَمُوسَى وَعِيسَى وَغَيْرَهُمْ إنَّمَا اسْتَفَادُوا مَعْرِفَةَ اللَّهِ مِنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَدْ كَذَّبَ بَلْ اللَّهُ أَوْحَى إلَيْهِمْ وَعَلَّمَهُمْ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَكُنْ مَوْجُودًا حِينَ خُلِقُوا وَالْمُتَقَدِّمُ لَا يَسْتَفِيدُ مِنْ الْمُتَأَخِّرِ. {وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُنْت نَبِيًّا وَآدَمُ بَيْنَ الرُّوحِ وَالْجَسَدِ} وَفِي لَفْظٍ {كُتِبْت نَبِيًّا} كَقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {إنِّي عِنْدَ اللَّه لَمَكْتُوبٌ خَاتَمُ النَّبِيِّينَ وَإِنَّ آدَمَ لَمُنْجَدِلٌ فِي طِينَتِهِ} فَإِنَّ اللَّهَ خَلَقَ جَسَدَ آدَمَ وَقَبْلَ نَفْخِ الرُّوحِ فِيهِ كَتَبَ وَأَظْهَرَ مَا سَيَكُونُ مِنْ ذُرِّيَّتِهِ فَكَتَبَ نُبُوَّةَ مُحَمَّدٍ وَأَظْهَرَهَا كَمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: {يُجْمَعُ خَلْقُ أَحَدِكُمْ فِي بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا نُطْفَةً ثُمَّ يَكُونُ عَلَقَةً مِثْلَ ذَلِكَ ثُمَّ يَكُونُ مُضْغَةً مِثْلَ ذَلِكَ ثُمَّ يُبْعَثُ إلَيْهِ مَلَكًا فَيُؤْمَرُ بِأَرْبَعِ كَلِمَاتٍ فَيُقَالُ: اُكْتُبْ رِزْقَهُ وَأَجَلَهُ؛ وَعَمَلَهُ؛ وَشَقِيٌّ أَوْ سَعِيدٌ ثُمَّ يُنْفَخُ فِيهِ الرُّوحُ} فَقَدْ أَخْبَرَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ بَعْدَ أَنْ يَخْلُقَ بَدَنَ الْجَنِينِ فِي بَطْنِ أُمِّهِ وَقَبْلَ نَفْخِ الرُّوحِ فِيهِ يُكْتَبُ رِزْقُهُ وَأَجَلُهُ وَعَمَلُهُ وَشَقِيٌّ أَمْ سَعِيدٌ؟ فَهَكَذَا كُتِبَ خَبَرُ سَيِّدِ وَلَدِ آدَمَ وَآدَمُ مُنْجَدِلٌ فِي طِينَتِهِ قَبْل أَنْ يُنْفَخَ الرُّوحُ فِيهِ. وَأَمَّا قَوْلُ بَعْضِهِمْ: {كُنْت نَبِيًّا وَآدَمُ بَيْنَ الْمَاءِ وَالطِّينِ} فَهَذَا نَقْلٌ بَاطِلٌ نَقْلًا وَعَقْلًا؛ فَإِنَّ آدَمَ لَيْسَ بَيْنَ الْمَاءِ وَالطِّينِ؛ بَلْ الطِّينُ مَاءٌ وَتُرَابٌ؛ وَلَكِنْ كَانَ بَيْنَ الرُّوحِ وَالْجَسَدِ. فَهَذَا وَنَحْوُهُ فِيهِ