كَالْحَلِفِ بِالنَّذْرِ وَالظِّهَارِ وَالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ كَانَ مُولِيًا عِنْدَ جَمَاهِيرِ الْعُلَمَاءِ: كَأَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ فِي قَوْلِهِ الْجَدِيدِ وَأَحْمَد. وَمِنْ الْعُلَمَاءِ مَنْ لَمْ يَذْكُرْ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ نِزَاعًا كَابْنِ الْمُنْذِرِ وَغَيْرِهِ وَذُكِرَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: كُلُّ يَمِينٍ مَنَعَتْ جِمَاعًا فَهِيَ إيلَاءٌ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى قَدْ جَعَلَ الْمُولِيَ بَيْنَ خِيرَتَيْنِ: إمَّا أَنْ يَفِيءَ وَإِمَّا أَنْ يُطَلِّقَ. وَالْفِيئَةُ هِيَ الْوَطْءُ: خَيْرٌ بَيْنَ الْإِمْسَاكِ بِمَعْرُوفِ وَالتَّسْرِيحِ بِإِحْسَانِ. فَإِنْ فَاءَ فَوَطِئَهَا حَصَلَ مَقْصُودُهَا وَقَدْ أَمْسَكَ بِمَعْرُوفِ وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} وَمَغْفِرَتُهُ وَرَحْمَتُهُ لِلْمُولِي تُوجِبُ رَفْعَ الْإِثْمِ عَنْهُ وَبَقَاءَ امْرَأَتِهِ. وَلَا تَسْقُطُ الْكَفَّارَةُ كَمَا فِي قَوْلِهِ: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاةَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} {قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ} فَبَيَّنَ أَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ بِمَا فَرَضَهُ مِنْ تَحِلَّةِ الْأَيْمَانِ حَيْثُ رَحِمَ عِبَادَهُ بِمَا فَرَضَهُ لَهُمْ مِنْ الْكَفَّارَةِ وَغَفَرَ لَهُمْ بِذَلِكَ نَقْضَهُمْ لِلْيَمِينِ الَّتِي عَقَدُوهَا؛ فَإِنَّ مُوجِبَ الْعَقْدِ الْوَفَاءُ لَوْلَا مَا فَرَضَهُ مِنْ التَّحِلَّةِ الَّتِي جَعَلَهَا تَحِلُّ عُقْدَةَ الْيَمِينِ. وَإِنْ كَانَ الْمُولِي لَا يَفِيءُ؛ بَلْ قَدْ عَزَمَ عَلَى الطَّلَاقِ؛ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ. فَحَكَمَ الْمُولِي فِي كِتَابِ اللَّهِ: أَنَّهُ إمَّا أَنْ يَفِيءَ وَإِمَّا أَنْ يَعْزِمَ الطَّلَاقَ. فَإِنْ فَاءَ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ لَا يَقَعُ بِهِ طَلَاقٌ وَهَذَا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ فِي الْيَمِينِ بِاَللَّهِ تَعَالَى.
وَأَمَّا " الْيَمِينُ بِالطَّلَاقِ " فَمَنْ قَالَ: إنَّهُ يَقَعُ بِهِ الطَّلَاقُ فَلَا يَكْفُرُ؛ فَإِنَّهُ يَقُولُ: إنْ فَاءَ الْمُولِي بِالطَّلَاقِ وَقَعَ بِهِ الطَّلَاقُ وَإِنْ عَزَمَ الطَّلَاقَ فَأَوْقَعَهُ وَقَعَ بِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute