رِسَالَةٌ أَخْبَرَتْ بِجَزَاءِ. وَهُوَ يُبَيِّنُ ثُبُوتَ الْوُجُوبِ وَالِاسْتِحْقَاقِ وَإِنْ قُدِّرَ أَنَّهُ لَا عَذَابَ. وَهَذَا فِيهِ نِزَاعٌ قَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ وَبَيَّنَّا أَنَّ هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ. وَنَتِيجَةُ فِعْلِ الْمَنْهِيِّ انْخِفَاضُ الْمَنْزِلَةِ وَسَلْبُ كَثِيرٍ مِنْ النِّعَمِ الَّتِي كَانَ فِيهَا وَإِنْ كَانَ لَا يُعَاقَبُ بِالضَّرَرِ. وَيُبَيِّنُ أَنَّ الْوُجُوبَ وَالِاسْتِحْقَاقَ يُعْلَمُ بِالْبَدِيهَةِ. فَتَارِكُ الْوَاجِبِ وَفَاعِلُ الْقَبِيحِ وَإِنْ لَمْ يُعَذَّبْ بِالْآلَامِ كَالنَّارِ فَيُسْلَبُ مِنْ النِّعَمِ وَأَسْبَابِهِ مَا يَكُونُ جَزَاءَهُ. وَهَذَا جَزَاءُ مَنْ لَمْ يَشْكُرْ النِّعْمَةَ بَلْ كَفَرَهَا أَنْ يُسْلَبَهَا. فَالشُّكْرُ قَيْدُ النِّعَمِ وَهُوَ مُوجِبٌ لِلْمَزِيدِ. وَالْكُفْرُ بَعْدَ قِيَامِ الْحُجَّةِ مُوجِبٌ لِلْعَذَابِ وَقَبْلَ ذَلِكَ يُنْقِصُ النِّعْمَةَ وَلَا يَزِيدُ. مَعَ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ إرْسَالِ رَسُولٍ يَسْتَحِقُّ مَعَهُ النَّعِيمَ أَوْ الْعَذَابَ فَإِنَّهُ مَا ثَمَّ دَارٌ إلَّا الْجَنَّةُ أَوْ النَّارُ. قَالَ تَعَالَى {لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ} {ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ} {إلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ} وَهَذَا مَبْسُوطٌ فِي مَوَاضِعَ.
وَالْمَقْصُودُ هُنَا أَنَّ بَيَانَ هَذِهِ الْأُصُولِ وَقَعَ فِي أَوَّلِ مَا أُنْزِلَ مِنْ الْقُرْآنِ. فَإِنَّ أَوَّلَ مَا أُنْزِلَ مِنْ الْقُرْآنِ {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ} عِنْدَ جَمَاهِيرِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute