للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

" السَّابِعُ " أَنَّ الْكِنَايَةَ عِنْدَنَا إذَا اقْتَرَنَ بِهَا دَلَالَةُ الْحَالِ كَانَتْ صَرِيحَةً فِي الظَّاهِرِ بِلَا نِزَاعٍ. وَمَعْلُومٌ أَنَّ اجْتِمَاعَ النَّاسِ وَتَقْدِيمَ الْخُطْبَةِ وَذِكْرَ الْمَهْرِ وَالْمُفَاوَضَةَ فِيهِ وَالتَّحَدُّثَ بِأَمْرِ النِّكَاحِ: قَاطِعٌ فِي إرَادَةِ النِّكَاحِ؛ وَأَمَّا التَّعَبُّدُ فَيَحْتَاجُ إلَى دَلِيلٍ شَرْعِيٍّ. ثُمَّ الْعَقْدُ جِنْسٌ لَا يُشْرَعُ فِيهِ التَّعَبُّدُ بِالْأَلْفَاظِ؛ لِأَنَّهَا لَا يُشْتَرَطُ فِيهَا الْإِيمَانُ؛ بَلْ تَصِحُّ مِنْ الْكَافِرِ وَمَا يَصِحُّ مِنْ الْكَافِرِ لَا تَعَبُّدَ فِيهِ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وَسُئِلَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -:

عَنْ رَجُلٍ وَكَّلَ ذِمِّيًّا فِي قَبُولِ نِكَاحِ امْرَأَةٍ مُسْلِمَةٍ: هَلْ يَصِحُّ النِّكَاحُ؟

فَأَجَابَ:

الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فِيهَا نِزَاعٌ؛ فَإِنَّ الْوَكِيلَ فِي قَبُولِ النِّكَاحِ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مِمَّنْ يَصِحُّ مِنْهُ قَبُولُهُ النِّكَاحَ لِنَفْسِهِ فِي الْجُمْلَةِ. فَلَوْ وَكَّلَ امْرَأَةً أَوْ مَجْنُونًا أَوْ صَبِيًّا غَيْرَ مُمَيِّزٍ لَمْ يَجُزْ؛ وَلَكِنْ إذَا كَانَ الْوَكِيلُ مِمَّنْ يَصِحُّ مِنْهُ قَبُولُ النِّكَاحِ بِإِذْنِ وَلَيِّهِ وَلَا يَصِحُّ مِنْهُ الْقَبُولُ بِدُونِ إذْنِ وَلِيِّهِ: فَوُكِّلَ فِي ذَلِكَ مِثْلَ أَنْ يُوَكِّلَ عَبْدًا فِي قَبُولِ النِّكَاحِ بِلَا إذْنِ سَيِّدِهِ أَوْ يُوَكِّلَ سَفِيهًا مَحْجُورًا عَلَيْهِ بِدُونِ إذْنِ وَلِيِّهِ أَوْ يُوَكِّلَ صَبِيًّا مُمَيِّزًا بِدُونِ إذْنِ وَلِيِّهِ: فَهَذَا فِيهِ قَوْلَانِ لِلْعُلَمَاءِ فِي مَذْهَبِ أَحْمَد وَغَيْرِهِ. وَإِنْ كَانَ يَصِحُّ مِنْهُ قَبُولُ النِّكَاحِ بِغَيْرِ إذْنٍ؛ لَكِنْ فِي الصُّورَةِ الْمُعَيَّنَةِ لَا يَجُوزُ لِمَانِعِ فِيهِ: مِثْلَ أَنْ يُوَكِّلَ فِي نِكَاحِ الْأَمَةِ مَنْ لَا يَجُوزُ لَهُ تَزَوُّجُهَا صَحَّتْ الْوَكَالَةُ.