للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَهَذَا أُهْدِيَ إلَيَّ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا بَالُ الرَّجُلِ نَسْتَعْمِلُهُ عَلَى الْعَمَلِ بِمَا وَلَّانَا اللَّهُ فَيَقُولُ: هَذَا لَكُمْ وَهَذَا أُهْدِيَ إلَيَّ؟ أَفَلَا قَعَدَ فِي بَيْتِ أَبِيهِ وَأُمِّهِ فَيَنْظُرَ أَيُهْدَى إلَيْهِ أَمْ لَا؟ وَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا نَسْتَعْمِلُ رَجُلًا عَلَى الْعَمَلِ مِمَّا وَلَّانَا اللَّهُ فَيَغُلُّ مِنْهُ شَيْئًا إلَّا جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَحْمِلُهُ عَلَى رَقَبَتِهِ: إنْ كَانَ بَعِيرًا لَهُ رُغَاءٌ؛ وَإِنْ كَانَتْ بَقَرَةً لَهَا خُوَارٌ؛ وَإِنْ كَانَتْ شَاةً تَيْعَرُ ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ إلَى السَّمَاءِ وَقَالَ: - اللَّهُمَّ هَلْ بَلَّغْت؟ اللَّهُمَّ هَلْ بَلَّغْت؟ - قَالَهَا مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا} . وَالْمَقْصُودُ هُنَا: أَنَّ هَذِهِ الْأَعْمَالَ الَّتِي هِيَ فَرْضٌ عَلَى الْكِفَايَةِ مَتَى لَمْ يَقُمْ بِهَا غَيْرُ الْإِنْسَانِ صَارَتْ فَرْضَ عَيْنٍ عَلَيْهِ لَا سِيَّمَا إنْ كَانَ غَيْرُهُ عَاجِزًا عَنْهَا فَإِذَا كَانَ النَّاسُ مُحْتَاجِينَ إلَى فِلَاحَةِ قَوْمٍ أَوْ نِسَاجَتِهِمْ أَوْ بِنَائِهِمْ صَارَ هَذَا الْعَمَلُ وَاجِبًا يُجْبِرُهُمْ وَلِيُّ الْأَمْرِ عَلَيْهِ إذَا امْتَنَعُوا عَنْهُ بِعِوَضِ الْمِثْلِ وَلَا يُمَكِّنُهُمْ مِنْ مُطَالَبَةِ النَّاسِ بِزِيَادَةِ عَنْ عِوَضِ الْمِثْلِ وَلَا يُمَكِّنُ النَّاسَ مِنْ ظُلْمِهِمْ بِأَنْ يُعْطُوهُمْ دُونَ حَقِّهِمْ كَمَا إذَا احْتَاجَ الْجُنْدُ الْمُرْصِدُونَ لِلْجِهَادِ إلَى فِلَاحَةِ أَرْضِهِمْ أَلْزَمَ مَنْ صِنَاعَتُهُ الْفِلَاحَةُ بِأَنْ يَصْنَعَهَا لَهُمْ: فَإِنَّ الْجُنْدَ يُلْزَمُونَ بِأَنْ لَا يَظْلِمُوا الْفَلَّاحَ كَمَا أَلْزَمَ الْفَلَّاحَ أَنْ يُفْلِحَ لِلْجُنْدِ.

وَالْمُزَارَعَةُ جَائِزَةٌ فِي أَصَحِّ قَوْلَيْ، الْعُلَمَاءِ وَهِيَ عَمَلُ الْمُسْلِمِينَ عَلَى