للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَإِنْ لَمْ يَدْعُهُ الْحَقُّ وَالْعِلْمُ بِهِ خُوِّفَ عَاقِبَةَ الْجُحُودِ وَالْعِصْيَانِ وَمَا فِي ذَلِكَ مِنْ الْعَذَابِ فَالنَّفْسُ تَخَافُ الْعَذَابَ بِالضَّرُورَةِ. فَكُلُّ حَيٍّ يَهْرُبُ مِمَّا يُؤْذِيهِ بِخِلَافِ النَّافِعِ. فَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَتَّبِعُ هَوَاهُ فَيَتَّبِعُ الْأَدْنَى دُونَ الْأَعْلَى. كَمَا أَنَّ مِنْهُمْ مَنْ يُكَذِّبُ بِمَا خُوِّفَ بِهِ أَوْ يَتَغَافَلُ عَنْهُ حَتَّى يَفْعَلَ مَا يَهْوَاهُ. فَإِنَّهُ إذَا صَدَّقَ بِهِ وَاسْتَحْضَرَهُ لَمْ يَبْعَثْ نَفْسُهُ إلَى هَوَاهَا بَلْ لَا بُدَّ مِنْ نَوْعٍ مِنْ الْغَفْلَةِ وَالْجَهْلِ حَتَّى يَتَّبِعَهُ. وَلِهَذَا كَانَ كُلُّ عَاصٍ لِلَّهِ جَاهِلًا كَمَا قَدْ بُسِطَ هَذَا فِي مَوَاضِعَ. إذْ الْمَقْصُودُ هُنَا التَّنْبِيهُ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ} فِيهِ تَنْبِيهٌ عَلَى أَنَّ الرَّبَّ مَعْرُوفٌ عِنْدَ الْمُخَاطَبِينَ وَأَنَّ الْفِطْرَةَ مُقِرَّةٌ بِهِ. وَعَلَى ذَلِكَ دَلَّ قَوْلُهُ {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ} الْآيَةَ كَمَا قَدْ بُسِطَ الْكَلَامُ عَلَيْهَا فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ. وَكَذَلِكَ قَوْلُ الرُّسُلِ {أَفِي اللَّهِ شَكٌّ} هُوَ نَفْيٌ أَيْ لَيْسَ فِي اللَّهِ شَكٌّ. وَهُوَ اسْتِفْهَامُ تَقْرِيرٍ يَتَضَمَّنُ تَقْرِيرَ الْأُمَمِ عَلَى مَا هُمْ مُقِرُّونَ بِهِ مِنْ أَنَّهُ لَيْسَ فِي اللَّهِ شَكٌّ فَهَذَا اسْتِفْهَامُ تَقْرِيرٍ.