للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الدِّينِ أَهَمُّ وَقَدْ ذَكَرَ الْفُقَهَاءُ هَذَا الْمَعْنَى. وَمَتَى اهْتَمَّتْ الْوُلَاةُ بِإِصْلَاحِ دِينِ النَّاسِ: صَلَاحٌ لِلطَّائِفَتَيْنِ دِينَهُمْ وَدُنْيَاهُمْ؛ وَإِلَّا اضْطَرَبَتْ الْأُمُورُ عَلَيْهِمْ. وَمِلَاكُ ذَلِكَ كُلِّهِ صَلَاحُ النِّيَّةِ لِلرَّعِيَّةِ وَإِخْلَاصُ الدِّينِ كُلِّهِ لِلَّهِ وَالتَّوَكُّلُ عَلَيْهِ. فَإِنَّ الْإِخْلَاصَ وَالتَّوَكُّلَ جِمَاعُ صَلَاحِ الْخَاصَّةِ وَالْعَامَّةِ كَمَا أَمَرَنَا أَنْ نَقُولَ فِي صَلَاتِنَا: {إيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} فَإِنَّ هَاتَيْنِ الْكَلِمَتَيْنِ قَدْ قِيلَ: إنَّهُمَا يَجْمَعَانِ مَعَانِيَ الْكُتُبِ الْمُنَزَّلَةِ مِنْ السَّمَاءِ. وَقَدْ رُوِيَ {أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ مَرَّةً فِي بَعْضِ مُغَازِيهِ فَقَالَ: يَا مَالِكَ يَوْمِ الدِّينِ إيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ فَجَعَلَتْ الرُّءُوسُ تَنْدُرُ عَنْ كَوَاهِلِهَا} وَقَدْ ذَكَرَ ذَلِكَ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ مِنْ كِتَابِهِ كَقَوْلِهِ {فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ} وَقَوْلِهِ تَعَالَى: {عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ} {وَكَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا ذَبَحَ أُضْحِيَّتَهُ - يَقُولُ: اللَّهُمَّ مِنْك وَلَك} .

وَأَعْظَمُ عَوْنٍ لِوَلِيِّ الْأَمْرِ خَاصَّةً وَلِغَيْرِهِ عَامَّةً ثَلَاثَةُ أُمُورٍ: أَحَدُهَا: الْإِخْلَاصُ لِلَّهِ وَالتَّوَكُّلُ عَلَيْهِ بِالدُّعَاءِ وَغَيْرِهِ. وَأَصْلُ ذَلِكَ الْمُحَافَظَةُ عَلَى الصَّلَوَاتِ بِالْقَلْبِ وَالْبَدَنِ. الثَّانِي: الْإِحْسَانُ إلَى الْخَلْقِ بِالنَّفْعِ وَالْمَالِ الَّذِي هُوَ الزَّكَاةُ. الثَّالِثُ: الصَّبْرُ عَلَى أَذَى الْخَلْقِ وَغَيْرِهِ مِنْ النَّوَائِبِ. وَلِهَذَا يَجْمَعُ اللَّهُ بَيْنَ الصَّلَاةِ وَالصَّبْرِ كَثِيرًا كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ} وَكَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ