للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} إلَى قَوْلِهِ: {أَفَلَا تَعْقِلُونَ} فَهَذَا أَحَدُ الصِّنْفَيْنِ ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: {وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لَا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إلَّا أَمَانِيَّ} أَيْ تِلَاوَةً {وَإِنْ هُمْ إلَّا يَظُنُّونَ} ثُمَّ ذَمَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ كُتُبًا يَقُولُونَ هِيَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا هِيَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ فَقَالَ: {فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ} إلَى قَوْلِهِ: {يَكْسِبُونَ} .

وَهَذِهِ الْأَصْنَافُ الثَّلَاثَةُ تَسْتَوْعِبُ أَهْلَ الضَّلَالِ وَالْبِدَعِ، فَإِنَّ أَهْلَ الْبِدَعِ الَّذِينَ ذَمَّهُمْ اللَّهُ وَرَسُولُهُ نَوْعَانِ:

أَحَدُهُمَا: عَالِمٌ بِالْحَقِّ يَتَعَمَّدُ خِلَافَهُ.

وَالثَّانِي: جَاهِلٌ مُتَّبِعٌ لِغَيْرِهِ.

فَالْأَوَّلُونَ: يَبْتَدِعُونَ مَا يُخَالِفُ كِتَابَ اللَّهِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إمَّا أَحَادِيثُ مُفْتَرِيَاتٌ وَإِمَّا تَفْسِيرٌ وَتَأْوِيلٌ لِلنُّصُوصِ بَاطِلٌ وَيُعَضِّدُونَ ذَلِكَ بِمَا يَدَّعُونَهُ مِنْ الرَّأْيِ وَالْعَقْلِ وَقَصْدُهُمْ بِذَلِكَ الرِّيَاسَةُ وَالْمَأْكَلُ فَهَؤُلَاءِ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهمْ مِنْ الْبَاطِلِ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ مِنْ الْمَالِ عَلَى ذَلِكَ وَهَؤُلَاءِ إذَا عُورِضُوا بِنُصُوصِ الْكُتُبِ الْإِلَهِيَّةِ وَقِيلَ لَهُمْ هَذِهِ تُخَالِفُكُمْ حَرَّفُوا الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ بِالتَّأْوِيلَاتِ الْفَاسِدَةِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} .