للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَأَمَّا " السالمية " فَهُمْ وَالْحَنْبَلِيَّةُ كَالشَّيْءِ الْوَاحِدِ إلَّا فِي مَوَاضِعَ مَخْصُوصَةٍ تَجْرِي مَجْرَى اخْتِلَافِ الْحَنَابِلَةِ فِيمَا بَيْنَهُمْ وَفِيهِمْ تَصَوُّفٌ وَمَنْ بَدَّعَ مِنْ أَصْحَابِنَا هَؤُلَاءِ يُبَدِّعُ أَيْضًا التَّسَمِّيَ فِي الْأُصُولِ بِالْحَنْبَلِيَّةِ وَغَيْرَ ذَلِكَ وَلَا يَرَى أَنْ يَتَسَمَّى أَحَدٌ فِي الْأُصُولِ إلَّا بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَهَذِهِ " طَرِيقَةٌ جَيِّدَةٌ " لَكِنَّ هَذَا مِمَّا يَسُوغُ فِيهِ الِاجْتِهَادُ؛ فَإِنَّ مَسَائِلَ الدَّقِّ فِي الْأُصُولِ لَا يَكَادُ يَتَّفِقُ عَلَيْهَا طَائِفَةٌ؛ إذْ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَمَا تَنَازَعَ فِي بَعْضِهَا السَّلَفُ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَقَدْ يُنْكَرُ الشَّيْءُ فِي حَالٍ دُونَ حَالٍ. وَعَلَى شَخْصٍ دُونَ شَخْصٍ. وَأَصْلُ هَذَا مَا قَدْ ذَكَرْته فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ: أَنَّ الْمَسَائِلَ الْخَبَرِيَّةَ قَدْ يَكُونُ بِمَنْزِلَةِ الْمَسَائِلِ الْعَمَلِيَّةِ؛ وَإِنْ سُمِّيَتْ تِلْكَ " مَسَائِلَ أُصُولٍ " وَهَذِهِ " مَسَائِلَ فُرُوعٍ " فَإِنَّ هَذِهِ تَسْمِيَةٌ مُحْدَثَةٌ قَسَّمَهَا طَائِفَةٌ مِنْ الْفُقَهَاءِ وَالْمُتَكَلِّمِين؛ وَهُوَ عَلَى الْمُتَكَلِّمِينَ وَالْأُصُولِيِّينَ أَغْلَبُ؛ لَا سِيَّمَا إذَا تَكَلَّمُوا فِي مَسَائِلِ التَّصْوِيبِ وَالتَّخْطِئَةِ.

وَأَمَّا جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ الْمُحَقِّقِينَ وَالصُّوفِيَّةِ فَعِنْدَهُمْ أَنَّ الْأَعْمَالَ أَهَمُّ وَآكَدُ مِنْ مَسَائِلِ الْأَقْوَالِ الْمُتَنَازَعِ فِيهَا؛ فَإِنَّ الْفُقَهَاءَ كَلَامُهُمْ إنَّمَا هُوَ فِيهَا وَكَثِيرًا مَا يَكْرَهُونَ الْكَلَامَ فِي كُلِّ مَسْأَلَةٍ لَيْسَ فِيهَا عَمَلٌ كَمَا يَقُولُهُ مَالِكٌ وَغَيْرُهُ مَنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ (١)، بَلْ الْحَقُّ أَنَّ الْجَلِيلَ مَنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الصِّنْفَيْنِ " مَسَائِلُ أُصُولٍ " وَالدَّقِيقَ " مَسَائِلُ فُرُوعٍ ".


(١) سقط في الأصل نصف سطر