وَمَا ذُكِرَ عَنْ بَعْضِ الْحُكَّامِ: مِنْ أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ مِنْ هَؤُلَاءِ إلَّا الْأَعْمَى وَالْمُكَسَّحَ وَالزَّمِنَ. قَوْلٌ لَمْ يَقُلْهُ أَحَدٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَلَا يُتَصَوَّرُ أَنْ يَقُولَ هَذَا حَاكِمٌ مِمَّنْ جَرَتْ الْعَادَةُ بِأَنْ يَتَوَلَّى الْحُكْمَ. اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَكُونَ مِنْ أَجْهَلِ النَّاسِ أَوْ أَفْجَرِهِمْ. فَمَعْلُومٌ أَنَّ ذَلِكَ يَقْدَحُ فِي عَدَالَتِهِ وَأَنَّهُ يَجِبُ أَنْ يُسْتَدَلَّ بِهِ عَلَى جُرْحِهِ كَمَا أَنَّهُ إنْ كَانَ النَّاقِلُ لِهَذَا عَنْ حَاكِمٍ قَدْ كَذَبَ عَلَيْهِ فَيَنْبَغِي أَنْ يُعَاقَبَ عَلَى ذَلِكَ عُقُوبَةً تُرْدِعُهُ وَأَمْثَالَهُ مِنْ الْمُفْتَرِينَ عَلَى النَّاسِ. وَعُقُوبَةُ الْإِمَامِ لِلْكَذَّابِ الْمُفْتَرِي عَلَى النَّاسِ وَالْمُتَكَلِّمِ فِيهِمْ وَفِي اسْتِحْقَاقِهِمْ لِمَا يُخَالِفُ دِينَ الْإِسْلَامِ: لَا يَحْتَاجُ إلَى دَعْوَاهُمْ؛ بَلْ الْعُقُوبَةُ فِي ذَلِكَ جَائِزَةٌ بِدُونِ دَعْوَى أَحَدٍ كَعُقُوبَتِهِ لِمَنْ يَتَكَلَّمُ فِي الدِّينِ بِلَا عِلْمٍ: فَيَحْدُثُ بِلَا عِلْمٍ وَيُفْتِي بِلَا عِلْمٍ وَأَمْثَالُ هَؤُلَاءِ يُعَاقَبُونَ. فَعُقُوبَةُ كُلِّ هَؤُلَاءِ جَائِزَةٌ بِدُونِ دَعْوَى. فَإِنَّ الْكَذِبَ عَلَى النَّاسِ وَالتَّكَلُّمَ فِي الدِّينِ وَفِي النَّاسِ بِغَيْرِ حَقٍّ: كَثِيرٌ فِي كَثِيرٍ مِنْ النَّاسِ. فَمَنْ قَالَ: إنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ إلَّا الْأَعْمَى وَالزَّمِنُ وَالْمُكَسَّحُ. فَقَدْ أَخْطَأَ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ. وَكَذَلِكَ مَنْ قَالَ: إنَّ أَمْوَالَ بَيْتِ الْمَالِ عَلَى اخْتِلَافِ أَصْنَافِهَا مُسْتَحِقَّةٌ لِأَصْنَافِ: مِنْهُمْ الْفُقَرَاءُ وَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْإِمَامِ إطْلَاقُ كِفَايَتِهِمْ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ: فَقَدْ أَخْطَأَ؛ بَلْ يَسْتَحِقُّونَ مِنْ الزِّكْوَاتِ بِلَا رَيْبٍ. وَأَمَّا مِنْ الْفَيْءِ وَالْمَصَالِحِ فَلَا يَسْتَحِقُّونَ إلَّا مَا فَضَلَ عَنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute