وَالْأَصْلُ الَّذِي مِنْهُ نَشَأَ النِّزَاعُ اعْتِقَادُ مَنْ اعْتَقَدَ أَنَّ مَنْ كَانَ مُؤْمِنًا لَمْ يَكُنْ مَعَهُ شَيْءٌ مِنْ الْكُفْرِ وَالنِّفَاقِ وَظَنُّ بَعْضِهِمْ أَنَّ هَذَا إجْمَاعٌ كَمَا ذَكَرَ الْأَشْعَرِيُّ أَنَّ هَذَا إجْمَاعٌ فَهَذَا كَانَ أَصْلَ الْإِرْجَاءِ كَمَا كَانَ " أَصْلُ الْقَدَرِ " عَجْزَهُمْ عَنْ الْإِيمَانِ بِالشَّرْعِ وَالْقَدَرِ جَمِيعًا فَلَمَّا كَانَ هَذَا أَصْلَهُمْ صَارُوا حِزْبَيْنِ. قَالَتْ الْخَوَارِجُ وَالْمُعْتَزِلَةُ قَدْ عَلِمْنَا يَقِينًا أَنَّ الْأَعْمَالَ مِنْ الْإِيمَانِ فَمَنْ تَرَكَهَا فَقَدْ تَرَكَ بَعْضَ الْإِيمَانِ وَإِذَا زَالَ بَعْضُهُ زَالَ جَمِيعُهُ؛ لِأَنَّ الْإِيمَانَ لَا يَتَبَعَّضُ وَلَا يَكُونُ فِي الْعَبْدِ إيمَانٌ وَنِفَاقٌ فَيَكُونُ أَصْحَابُ الذُّنُوبِ مُخَلَّدِينَ فِي النَّارِ إذْ كَانَ لَيْسَ مَعَهُمْ مِنْ الْإِيمَانِ شَيْءٌ. وَقَالَتْ " الْمُرْجِئَةُ " - مُقْتَصِدَتُهُمْ وَغُلَاتُهُمْ كالْجَهْمِيَّة - قَدْ عَلِمْنَا أَنَّ أَهْلَ الذُّنُوبِ مِنْ أَهْلِ الْقِبْلَةِ لَا يُخَلَّدُونَ فِي النَّارِ؛ بَلْ يَخْرُجُونَ مِنْهَا كَمَا تَوَاتَرَتْ بِذَلِكَ الْأَحَادِيثُ. وَعَلِمْنَا بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَإِجْمَاعِ الْأَئِمَّةِ أَنَّهُمْ لَيْسُوا كُفَّارًا مُرْتَدِّينَ؛ فَإِنَّ الْكِتَابَ قَدْ أَمَرَ بِقَطْعِ السَّارِقِ لَا بِقَتْلِهِ وَجَاءَتْ السُّنَّةُ بِجَلْدِ الشَّارِبِ لَا بِقَتْلِهِ فَلَوْ كَانَ هَؤُلَاءِ كُفَّارًا مُرْتَدِّينَ لَوَجَبَ قَتْلُهُمْ؛ وَبِهَذَا ظَهَرَ لِلْمُعْتَزِلَةِ ضِعْفُ قَوْلِ الْخَوَارِجِ فَخَالَفُوهُمْ فِي أَحْكَامِهِمْ فِي الدُّنْيَا. و " الْخَوَارِجُ " لَا يَتَمَسَّكُونَ مِنْ السُّنَّةِ إلَّا بِمَا فَسَّرَ مُجْمَلَهَا دُونَ مَا خَالَفَ ظَاهِرَ الْقُرْآنِ عِنْدَهُمْ فَلَا يَرْجُمُونَ الزَّانِيَ وَلَا يَرَوْنَ لِلسَّرِقَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute