وَكَذَلِكَ قِيَاسُ أُصُولِ أَحْمَد وَغَيْرِهِ مِنْ فُقَهَاءِ الْحَدِيثِ: جَوَازُ بَيْعِ المقاثي بَاطِنَهَا وَظَاهِرَهَا. وَإِنْ اشْتَمَلَ ذَلِكَ عَلَى بَيْعٍ مَعْدُومٍ إذَا بَدَا صَلَاحُهَا كَمَا يَجُوزُ بِالِاتِّفَاقِ إذَا بَدَا صَلَاحُ بَعْضِ نَخْلَةٍ أَوْ شَجَرَةٍ: أَنْ يُبَاعَ جَمِيعُ ثَمَرِهَا. وَإِنْ كَانَ فِيهَا مَا لَمْ يَصْلُحْ بَعْدُ. وَغَايَةُ مَا اعْتَذَرُوا بِهِ عَنْ خُرُوجِ هَذَا مِنْ الْقِيَاسِ أَنْ قَالُوا: إنَّهُ لَا يُمْكِنُ إفْرَادُ الْبَيْعِ لِذَلِكَ مِنْ نَخْلَةٍ وَاحِدَةٍ؛ لِأَنَّهُ لَوْ أَفْرَدَ الْبُسْرَةَ بِالْعَقْدِ اخْتَلَطَتْ بِغَيْرِهَا فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ لِأَنَّ الْبُسْرَةَ تَصْفَرُّ فِي يَوْمِهَا. وَهَذَا بِعَيْنِهِ مَوْجُودٌ فِي المقثاة. وَقَدْ اعْتَذَرَ بَعْضُ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَد عَنْ بَيْعِ الْمَعْدُومِ تَبَعًا بِأَنَّ مَا يَحْدُثُ مِنْ الزِّيَادَةِ فِي الثَّمَرَةِ بَعْدَ الْعَقْدِ لَيْسَ بِتَابِعٍ لِلْمَوْجُودِ؛ وَإِنَّمَا يَكُونُ ذَلِكَ لِلْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّهُ مَوْجُودٌ فِي مِلْكِهِ. وَالْجُمْهُورُ مِنْ الطَّائِفَتَيْنِ يَعْلَمُونَ فَسَادَ هَذَا الْعُذْرِ؛ لِأَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْبَائِعِ سَقْيُ الثَّمَرَةِ وَيَسْتَحِقُّ إبْقَاءَهَا عَلَى الشَّجَرِ بِمُطْلَقِ الْعَقْدِ وَلَوْ لَمْ يَسْتَحِقَّ الزِّيَادَةَ بِالْعَقْدِ لَمَّا وَجَبَ عَلَى الْبَائِعِ مَا بِهِ يُوجَدُ؛ فَإِنَّ الْوَاجِبَ عَلَى الْبَائِعِ بِحُكْمِ الْبَيْعِ تَوْفِيَةُ الْمَبِيعِ الَّذِي أَوْجَبَهُ الْعَقْدُ؛ لَا مَا كَانَ مِنْ مُوجِبَاتِ الْمِلْكِ.
وَأَيْضًا: فَإِنَّ الرِّوَايَةَ اخْتَلَفَتْ عَنْ أَحْمَد إذَا بَدَا الصَّلَاحُ فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute