للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْمُتَأَخِّرُونَ صَاغُوا مِنْ هَذِهِ الْمَعَانِي أَيْمَانًا وَرَبَطُوا إحْدَى الْجُمْلَتَيْنِ بِالْأُخْرَى كَالْأَيْمَانِ الَّتِي كَانَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ الصَّحَابَةِ يَحْلِفُونَ بِهَا وَكَانَتْ الْعَرَبُ تَحْلِفُ بِهَا؛ لَا فَرْقَ بَيْنَ هَذَا وَهَذَا إلَّا أَنَّ قَوْلَهُ: إنْ فَعَلْت فَمَالِي صَدَقَةٌ. يَقْتَضِي وُجُوبَ الصَّدَقَةِ عِنْدَ الْفِعْلِ. وَقَوْلُهُ: فَامْرَأَتِي طَالِقٌ. يَقْتَضِي وُجُودَ الطَّلَاقِ. فَالْكَلَامُ يَقْتَضِي وُقُوعَ الطَّلَاقِ بِنَفْسِ الشَّرْطِ وَإِنْ لَمْ يُحْدِثْ بَعْدَ هَذَا طَلَاقًا وَلَا يَقْتَضِي وُقُوعَ الصَّدَقَةِ حَتَّى يُحْدِثَ صَدَقَةً. وَجَوَابُ هَذَا الْفَرْقِ الَّذِي اعْتَمَدَهُ الْفُقَهَاءُ الْمُفَرِّقُونَ مِنْ " وَجْهَيْنِ " " أَحَدُهُمَا " مَنْعُ الْوَصْفِ الْفَارِقِ فِي بَعْضِ الْأُصُولِ الْمَقِيسِ عَلَيْهَا وَفِي بَعْضِ صُوَرِ الْفُرُوعِ الْمَقِيسِ عَلَيْهَا. " وَالثَّانِي " بَيَانُ عَدَمِ التَّأْثِيرِ. أَمَّا " الْأَوَّلُ " فَإِنَّهُ إذَا قَالَ: إنْ فَعَلْت كَذَا فَمَالِي صَدَقَةٌ أَوْ فَأَنَا مُحْرِمٌ أَوْ فَبَعِيرِي هَدْيٌ. فَالْمُعَلَّقُ بِالصِّفَةِ وُجُودُ الصَّدَقَةِ وَالْإِحْرَامِ وَالْهَدْيِ لَا وُجُوبُهُمَا كَمَا أَنَّ الْمُعَلَّقَ فِي قَوْلِهِ: فَعَبْدِي حُرٌّ وَامْرَأَتِي طَالِقٌ. وُجُودُ الطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ لَا وُجُوبُهُمَا؛ وَلِهَذَا اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ مِنْ أَصْحَابِنَا وَغَيْرِهِمْ فِيمَا إذَا قَالَ هَذَا: هَدْيٌ وَهَذَا صَدَقَةٌ لِلَّهِ: هَلْ يَخْرُجُ عَنْ مِلْكِهِ أَوْ لَا يَخْرُجُ؟ فَمَنْ قَالَ يَخْرُجُ عَنْ مِلْكِهِ فَهُوَ كَخُرُوجِ زَوْجَتِهِ وَعَبْدِهِ عَنْ مِلْكِهِ. وَأَكْثَرُ مَا فِي الْبَابِ أَنَّ الصَّدَقَةَ