للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فِي ذِمَّتِهِ فَيَكُونُ عَلَيْهِ دُونَ النَّاسِ الَّذِينَ ظَلَمَهُمْ وَمَا فِي يَدِهِ لَا يَمْلِكُهُ؛ بَلْ هُوَ لِأُنَاسٍ مَجْهُولِينَ لَا يَعْرِفُهُمْ. وَلَا يَتَصَرَّفُ فِي مَالِهِمْ إلَّا بِإِذْنِهِمْ. وَعَلَى هَذَا فَفِيهِ قَوْلَانِ: قِيلَ: إنَّ وَلِيَّ الْأَمْرِ كَالْحَاكِمِ وَغَيْرِهِ مِمَّنْ لَهُ وِلَايَةُ التَّصَرُّفِ عَلَى الْغَائِبِينَ يَقْضِي الدُّيُونَ الَّتِي وَجَبَتْ عَلَيْهِمْ لِلْبَائِعِ بِالْأَمْوَالِ الَّتِي فِي يَدِهِ لَهُمْ. وَقِيلَ: إنَّ الْبَائِعَ لَهُ أَنْ يَسْتَوْفِيَ دَيْنَهُ الَّذِي عَلَيْهِمْ مِمَّا لَهُمْ فِي يَدِهِ مِنْ الْمَالِ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى اسْتِئْذَانِ حَاكِمٍ وَهَذَا أَصَحُّ؛ فَإِنَّ الْمَعْلُومَ لِصَاحِبِهِ أَنْ يَسْتَوْفِيَهُ مِنْ مَالِ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى إذْنِ الْحَاكِمِ كَمَا أَذِنَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلضَّيْفِ الْمَظْلُومِ أَنْ يَأْخُذَ حَقَّهُ مِنْ زَرْعِ الْمُضِيفِ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَكَمَا أَمَرَ الْمَرْأَةَ أَنْ تَأْخُذَ مَا يَكْفِيهَا وَوَلَدَهَا بِالْمَعْرُوفِ بِلَا إذْنِ الزَّوْجِ؛ لَكِنْ إذَا كَانَ الْحَقُّ مَجْحُودًا. فَقَدْ قَالَ: {أَدِّ الْأَمَانَةَ إلَى مَنْ ائْتَمَنَك وَلَا تَخُنْ مَنْ خَانَك} فَكَيْفَ إذَا كَانَ الْإِنْسَانُ قَدْ بَاعَ غَيْرَهُ سِلْعَةً بَيْعًا فَاسِدًا وَقَبَضَ مِنْهُ الثَّمَنَ فَلَهُ أَنْ يَسْتَوْفِيَ مِنْهُ مِنْ هَذِهِ السِّلْعَةِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى وَالْأَحْرَى. وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ الْقَائِلِينَ بِوَقْفِ الْعُقُودِ حَتَّى تُوفِيَ التَّبَرُّعَاتُ عِنْدَ الْحَاجَةِ فَيَقُولُونَ مَنْ بِيَدِهِ مَالُ غَصْبٍ أَوْ وَدِيعَةٌ أَوْ عَارِيَةٌ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ عَيْنَ مَالِكِهِ يَتَصَدَّقُ بِهِ عَنْهُ وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ وَأَبِي