للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

" الثَّالِثُ " أَنْ يُقَالَ: قَدْ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى حِلِّ ذَلِكَ كَمَا ذَكَرْنَاهُ وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ: إنَّهُ يَجُوزُ نِكَاحُهُنَّ وَيَحْرُمُ التَّسَرِّي بِهِنَّ؛ بَلْ قَدْ قِيلَ: يَحْرُمُ الْوَطْءُ فِي مِلْكِ الْيَمِينِ حَيْثُ يَحْرُمُ الْوَطْءُ فِي النِّكَاحِ. وَقِيلَ: يَجُوزُ التَّزَوُّجُ بِهِنَّ. فَعُلِمَ أَنَّ الْأَمَةَ مُجْمَعٌ عَلَى التَّسَرِّي بِهَا وَلَمْ يَكُنْ أَرْجَحَ مِنْ حِلِّ النِّكَاحِ؛ وَلَمْ يَكُنْ دُونَهُ. فَلَوْ حَرُمَ التَّسَرِّي دُونَ النِّكَاحِ كَانَ خِلَافَ الْإِجْمَاعِ " الرَّابِعُ " أَنْ يُقَالَ: إنَّ حِلَّ نِكَاحِهِنَّ يَقْتَضِي حِلَّ التَّسَرِّي بِهِنَّ مِنْ طَرِيقِ الْأَوْلَى وَالْأَحْرَى. وَذَلِكَ أَنَّ كُلَّ مَنْ جَازَ وَطْؤُهَا بِالنِّكَاحِ جَازَ وَطْؤُهَا بِمِلْكِ الْيَمِينِ بِلَا نِزَاعٍ. وَأَمَّا الْعَكْسُ فَقَدْ تَنَازَعَ فِيهِ؛ وَذَلِكَ لِأَنَّ مِلْكَ الْيَمِينِ أَوْسَعُ؛ لَا يُقْتَصَرُ فِيهِ عَلَى عَدَدٍ؛ وَالنِّكَاحُ يُقْتَصَرُ فِيهِ عَلَى عَدَدٍ. وَمَا حُرِّمَ فِيهِ الْجَمْعُ بِالنِّكَاحِ قَدْ نُوزِعَ فِي تَحْرِيمِ الْجَمْعِ فِيهِ بِمِلْكِ الْيَمِينِ؛ وَلَهُ أَنْ يَسْتَمْتِع بِمِلْكِ الْيَمِينِ مُطْلَقًا مِنْ غَيْرِ اعْتِبَارِ قَسَمٍ وَلَا اسْتِئْذَانٍ فِي عَزْلٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا حُجِرَ عَلَيْهِ فِيهِ لِحَقِّ الزَّوْجَةِ. وَمِلْكُ النِّكَاحِ نَوْعُ رِقٍّ وَمِلْكُ الْيَمِينِ رِقٌّ تَامٌّ وَأَبَاحَ اللَّهُ لِلْمُسْلِمِينَ أَنْ يَتَزَوَّجُوا أَهْلَ الْكِتَابِ؛ وَلَا يَتَزَوَّجُ أَهْلُ الْكِتَابِ نِسَاءَهُمْ؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ نَوْعُ رِقٍّ كَمَا قَالَ عُمَرُ: النِّكَاحُ رِقٌّ؛ فَلْيَنْظُرْ أَحَدُكُمْ عِنْدَ مَنْ يُرِقُّ كَرِيمَتَهُ. وَقَالَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ: الزَّوْجُ سَيِّدٌ فِي كِتَابِ اللَّهِ؛ وَقَرَأَ قَوْله تَعَالَى {وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ} وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {اتَّقُوا اللَّهَ فِي النِّسَاءِ فَإِنَّهُنَّ عَوَانٌ عِنْدَكُمْ} فَجُوِّزَ