لِلْمُسْلِمِ أَنْ يَسْتَرِقَّ هَذِهِ الْكَافِرَةَ وَلَمْ يُجَوَّزْ لِلْكَافِرِ أَنْ يَسْتَرِقَّ هَذِهِ الْمُسْلِمَةَ لِأَنَّ الْإِسْلَامَ يَعْلُو وَلَا يُعْلَى عَلَيْهِ كَمَا جُوِّزَ لِلْمُسْلِمِ أَنْ يَمْلِكَ الْكَافِرَ وَلَمْ يُجَوَّزْ لِلْكَافِرِ أَنْ يَمْلِكَ الْمُسْلِمَ. فَإِذًا جَوَازُ وَطْئِهِنَّ مِنْ مِلْكٍ تَامٍّ أَوْلَى وَأَحْرَى. يُوَضِّحُ ذَلِكَ: أَنَّ الْمَانِعَ: إمَّا الْكُفْرُ؛ وَإِمَّا الرِّقُّ. وَهَذَا الْكُفْرُ لَيْسَ بِمَانِعِ؛ وَالرِّقُّ لَيْسَ مَانِعًا مِنْ الْوَطْءِ بِالْمِلْكِ؛ وَإِنَّمَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ مَانِعًا مِنْ التَّزَوُّجِ. فَإِذَا كَانَ الْمُقْتَضِي لِلْوَطْءِ قَائِمًا وَالْمَانِعُ مُنْتَفِيًا: جَازَ الْوَطْءُ. فَهَذَا الْوَجْهُ مُشْتَمِلٌ عَلَى " قِيَاسِ التَّمْثِيلِ " وَعَلَى " قِيَاس الْأَوْلَى " وَيَخْرُجُ مِنْهُ " وَجْهٌ رَابِعٌ " يُجْعَلُ " قِيَاسَ التَّعْلِيلِ ". فَيُقَالُ: الرِّقُّ مُقْتَضٍ لِجَوَازِ وَطْءِ الْمَمْلُوكَةِ؛ كَمَا نَبَّهَ النَّصُّ عَلَى هَذِهِ الْعِلَّةِ كَقَوْلِهِ: {أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} وَإِنَّمَا يَمْتَنِعُ الْوَطْءُ بِسَبَبِ. يُوجِبُ التَّحْرِيمَ؛ بِأَنْ تَكُونَ مُحَرَّمَةً بِالرِّضَاعِ؛ أَوْ بِالصِّهْرِ أَوْ بِالشِّرْكِ وَنَحْوِ ذَلِكَ. وَهَذِهِ لَيْسَ فِيهَا مَا يَصْلُحُ لِلْمَنْعِ إلَّا كَوْنُهَا كِتَابِيَّةً وَهَذَا لَيْسَ بِمَانِعِ فَإِذَا كَانَ الْمُقْتَضِي لِلْحِلِّ قَائِمًا وَالْمَانِعُ الْمَذْكُورُ لَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ مُعَارِضًا: وَجَبَ الْعَمَلُ بِالْمُقْتَضِي السَّالِمِ عَنْ الْمَعَارِضِ الْمُقَاوِمِ. وَهَذِهِ الْوُجُوهُ بَعْدَ تَمَامِ تَصَوُّرِهَا تُوجِبُ الْقَطْعَ بِالْحِلِّ. " الْوَجْهُ الْخَامِسُ " أَنَّ مَنْ تَدَبَّرَ سِيَرَ الصَّحَابَةِ وَالسَّلَفِ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالصَّحَابَةِ وَجَدَ آثَارًا كَثِيرَةً تُبَيِّنُ أَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا يَجْعَلُونَ ذَلِكَ مَانِعًا؛ بَلْ هَذِهِ كَانَتْ سُنَّةَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَسُنَّةَ خُلَفَائِهِ: مِثْلُ الَّذِي كَانَتْ لَهُ أُمُّ وَلَدٍ وَكَانَتْ تَسُبُّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَامَ يَقْتُلُهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute