وَلَفْظُ " الْأَمْرِ " يُرَادُ بِهِ الْمَصْدَرُ وَالْمَفْعُولُ فَالْمَفْعُولُ مَخْلُوقٌ كَمَا قَالَ: {أَتَى أَمْرُ اللَّهِ} وَقَالَ: {وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَقْدُورًا} . فَهُنَا الْمُرَادُ بِهِ الْمَأْمُورُ بِهِ لَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ أَمْرَهُ الَّذِي هُوَ كَلَامُهُ وَهَذِهِ الْآيَةُ الَّتِي احْتَجَّ بِهَا هَؤُلَاءِ تَضَمَّنَتْ الشَّرْعَ وَهُوَ الْأَمْرُ وَالْقَدَرُ وَقَدْ ضَلَّ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ فَرِيقَانِ: " الْجَهْمِيَّة " الَّذِينَ يَقُولُونَ: كَلَامُ اللَّهِ مَخْلُوقٌ وَيَحْتَجُّونَ بِقَوْلِهِ: {وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَقْدُورًا} . وَيَقُولُونَ: مَا كَانَ مَقْدُورًا فَهُوَ مَخْلُوقٌ. وَهَؤُلَاءِ " الْحُلُولِيَّةُ " الضَّالُّونَ الَّذِينَ يَجْعَلُونَ فِعْلَ الْعِبَادِ قَدِيمًا بِأَنَّهُ أَمْرُ اللَّهِ وَقَدَرُهُ وَأَمْرُهُ وَقَدَرُهُ غَيْرُ مَخْلُوقٍ. وَمَثَارُ الشُّبْهَةِ أَنَّ اسْمَ " الْقَدَرِ " وَ " الْأَمْرِ " وَ " الشَّرْعِ " يُرَادُ بِهِ الْمَصْدَرُ وَيُرَادُ بِهِ الْمَفْعُولُ فَفِي قَوْلِهِ: {وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَقْدُورًا} الْمُرَادُ بِهِ الْمَأْمُورُ بِهِ الْمَقْدُورُ وَهَذَا مَخْلُوقٌ وَأَمَّا فِي قَوْلِهِ: {ذَلِكَ أَمْرُ اللَّهِ أَنْزَلَهُ إلَيْكُمْ} فَأَمْرُهُ كَلَامُهُ إذْ لَمْ يُنْزِلْ إلَيْنَا الْأَفْعَالَ الَّتِي أَمَرَنَا بِهَا وَإِنَّمَا أَنْزَلَ الْقُرْآنَ وَهَذَا كَقَوْلِهِ: {إنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إلَى أَهْلِهَا} فَهَذَا الْأَمْرُ هُوَ كَلَامُهُ. فَإِذَا احْتَجَّ الجهمي الَّذِي يَئُولُ أَمْرَهُ إلَى أَنْ يَجْعَلَهُ حَالًّا فِي الْمَخْلُوقَاتِ بِقَوْلِهِ: {وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَقْدُورًا} قِيلَ لَهُ الْمُرَادُ بِهِ الْمَأْمُورُ بِهِ كَمَا فِي قَوْلِهِ: {أَتَى أَمْرُ اللَّهِ فَلَا تَسْتَعْجِلُوهُ} وَكَمَا يُقَالُ عَنْ الْحَوَادِثِ الَّتِي يُحْدِثُهَا اللَّهُ هَذَا أَمْرٌ عَظِيمٌ وَإِذَا احْتَجَّ الْحُلُولِيُّ الَّذِي يَجْعَلُ صِفَاتِ الرَّبِّ تُقَارِنُ ذَاتَه وَتَحِلُّ فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute