للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ الْحَمْرَاءِ. وَكَذَلِكَ تَفْضِيلُ حُبِّهِ وَبُغْضِهِ عَلَى حُبِّ غَيْرِهِ وَبُغْضِهِ كَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ {عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: لَا أَحَدَ أَحَبُّ إلَيْهِ الْمَدْحُ مِنْ اللَّهِ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ مَدَحَ نَفْسِهِ. وَلَا أَحَدَ أَحَبُّ إلَيْهِ الْعُذْرُ مِنْ اللَّهِ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ بَعَثَ الرُّسُلَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ} . وَقَالَ {لَا أَحَدَ أَغْيَرُ مِنْ اللَّهِ} وَهَذَا فِي الصَّحِيحَيْنِ. وَقَالَ تَعَالَى: {لَمَقْتُ اللَّهِ أَكْبَرُ مِنْ مَقْتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ} الْآيَةَ. وَمِنْ الْمَعْلُومِ بِالِاضْطِرَارِ تَفَاضُلُ الْمَأْمُورَاتِ: فَبَعْضُهَا أَفْضَلُ مِنْ بَعْضٍ وَبَعْضُ الْمَنْهِيَّاتِ شَرٌّ مِنْ بَعْضٍ وَحِينَئِذٍ فَطَلَبُ الْأَفْضَلِ يَكُونُ فِي نَفْسِهِ أَكْمَلُ مِنْ طَلَبِ الْمَفْضُول وَالطَّالِبُ إذَا كَانَ حَكِيمًا يَكُونُ طَلَبُهُ لِهَذَا أَوْكَدَ. فَفِي الْجُمْلَةِ مِنْ الْمُسْتَقَرِّ فِي فِطَرِ الْعُقَلَاءِ أَنَّ كُلًّا مِنْ الْخَبَرِ وَالْأَمْرِ يَلْحَقُهُمَا التَّفَاضُلُ مِنْ جِهَةِ الْمُخْبِرِ عَنْهُ وَالْمَأْمُورِ بِهِ فَإِذَا كَانَ الْمَخْبَرُ بِهِ أَكْمَلَ وَأَفْضَلَ كَانَ الْخَبَرُ بِهِ أَفْضَلَ وَإِذَا كَانَ الْمَأْمُورُ بِهِ أَفْضَلَ كَانَ الْأَمْرُ بِهِ أَفْضَلَ. وَلِهَذَا كَانَ الْخَبَرُ بِمَا فِيهِ نَجَاةُ النُّفُوسِ مِنْ الْعَذَابِ وَحُصُولُ السَّعَادَةِ الْأَبَدِيَّةِ أَفْضَلَ مِنْ الْخَبَرِ بِمَا فِيهِ نَيْلُ مَنْزِلَةٍ أَوْ حُصُولُ دَرَاهِمَ وَالرُّؤْيَا الَّتِي تَتَضَمَّنُ أَفْضَلَ الْخِبْرَيْنِ أَعْظَمُ مِنْ الرُّؤْيَا الَّتِي تَتَضَمَّنُ أَدْنَاهُمَا وَهَذَا أَمْرٌ مُسْتَقِرٌّ فِي فِطَرِ الْعُقَلَاءِ قَاطِبَةً. وَإِذَا قَدَرَ أَمِيرَانِ أَمَرَ أَحَدُهُمَا بِعَدْلِ عَامٍّ عَمَّرَ بِهِ الْبِلَادَ وَدَفَعَ بِهِ الْفَسَادَ كَانَ هَذَا الْأَمْرُ أَعْظَمَ مِنْ أَمْرِ أَمِيرٍ