للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَكَانَ الْجَهْمُ بْنُ صَفْوَانَ وَمَنْ اتَّبَعَهُ كَذَلِكَ لَمَّا نَاظَرَ أَهْلَ الْهِنْدِ كَمَا كَانَ الْمُعْتَزِلَةُ كَذَلِكَ لَمَّا نَاظَرُوا الْمَجُوسَ الْفُرْسَ وَالْمَجُوسُ أَرْجَحُ مِنْ الْمُشْرِكِينَ. فَإِنَّ مَنْ أَنْكَرَ الْأَمْرَ وَالنَّهْيَ أَوْ لَمْ يُقِرَّ بِذَلِكَ فَهُوَ مُشْرِكٌ صَرِيحٌ كَافِرٌ أَكْفَرُ مِنْ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسِ كَمَا يُوجَدُ ذَلِكَ فِي كَثِيرٍ مِنْ الْمُتَكَلِّمَةِ وَالْمُتَصَوِّفَةِ أَهْلِ الْإِبَاحَةِ وَنَحْوِهِمْ. وَلِهَذَا لَمْ يَظْهَرْ هَؤُلَاءِ وَنَحْوُهُمْ فِي عَصْرِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ لِقُرْبِ عَهْدِهِمْ بِالنُّبُوَّةِ. وَإِنَّمَا ظَهَرَ أُولَئِكَ الْقَدَرِيَّةُ الْمَجُوسِيَّةُ لِأَنَّ مَذْهَبَهُمْ فِيهِ تَعْظِيمٌ لِلْأَمْرِ وَالنَّهْيِ وَالثَّوَابِ وَالْعِقَابِ. فَهُمْ أَقْرَبُ إلَى الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالرَّسُولِ وَالدِّينِ مِنْ هَؤُلَاءِ الْمُعَطِّلَةِ لِلْأَمْرِ وَالنَّهْيِ فَإِنَّ هَؤُلَاءِ مِنْ شَرِّ الْخَلْقِ. وَأَمَّا الْقَدَرِيَّةُ الإبليسية فَهَمّ الَّذِينَ يُقِرُّونَ بِوُجُودِ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ مِنْ اللَّهِ وَيُقِرُّونَ مَعَ ذَلِكَ بِوُجُودِ الْقَضَاءِ وَالْقَدَرِ مِنْهُ لَكِنْ يَقُولُونَ: هَذَا فِيهِ جَهْلٌ وَظُلْمٌ. فَإِنَّهُ بِتَنَاقُضِهِ يَكُونُ جَهْلًا وَسَفَهًا وَبِمَا فِيهِ مِنْ عُقُوبَةِ الْعَبْدِ بِمَا خَلَقَ فِيهِ يَكُونُ ظُلْمًا. وَهَذَا حَالُ إبْلِيسَ. فَإِنَّهُ قَالَ {بِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ