للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَغَيْرِهِ مِنْ أَئِمَّةِ السَّلَفِ وَفُقَهَاءِ الْحَدِيثِ وَغَيْرِهِمْ. وَهَؤُلَاءِ تَنَازَعُوا فِيمَا إذَا صَلَّى مُنْفَرِدًا لِغَيْرِ عُذْرٍ هَلْ تَصِحُّ صَلَاتُهُ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ؟ أَحَدُهُمَا لَا تَصِحُّ وَهُوَ قَوْلُ طَائِفَةٍ مِنْ قُدَمَاءِ أَصْحَابِ أَحْمَد ذَكَرَهُ الْقَاضِي أَبُو يَعْلَى فِي شَرْحِ الْمَذْهَبِ عَنْهُمْ وَبَعْضِ مُتَأَخِّرِيهِمْ كَابْنِ عَقِيلٍ وَهُوَ قَوْلُ طَائِفَةٍ مِنْ السَّلَفِ وَاخْتَارَهُ ابْنُ حَزْمٍ وَغَيْرُهُ.

وَالثَّانِي تَصِحُّ مَعَ إثْمِهِ بِالتَّرْكِ وَهَذَا هُوَ الْمَأْثُورُ عَنْ أَحْمَد وَقَوْلُ أَكْثَرِ أَصْحَابِهِ.

وَاَلَّذِينَ نَفَوْا الْوُجُوبَ احْتَجُّوا بِتَفْضِيلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاةَ الْجَمَاعَةِ عَلَى صَلَاةِ الرَّجُلِ وَحْدَهُ. قَالُوا: وَلَوْ كَانَتْ وَاجِبَةً لَمْ تَصِحَّ صَلَاةُ الْمُنْفَرِدِ وَلَمْ يَكُنْ هُنَاكَ تَفْضِيلٌ وَحَمَلُوا مَا جَاءَ مَنْ هَمَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالتَّحْرِيقِ عَلَى مَنْ تَرَكَ الْجُمُعَةَ أَوْ عَلَى الْمُنَافِقِينَ الَّذِينَ كَانُوا يَتَخَلَّفُونَ عَنْ الْجَمَاعَةِ مَعَ النِّفَاقِ وَإِنَّ تَحْرِيقَهُمْ كَانَ لِأَجْلِ النِّفَاقِ لَا لِأَجْلِ تَرْكِ الْجَمَاعَةِ مَعَ الصَّلَاةِ فِي الْبُيُوتِ.

وَأَمَّا الْمُوجِبُونَ: فَاحْتَجُّوا بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالْآثَارِ. أَمَّا الْكِتَابُ فَقَوْلُهُ تَعَالَى: {وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ} الْآيَةَ. وَفِيهَا دَلِيلَانِ: