للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إذْ كَانَ مُدَبِّرًا لَهُمَا وَهُوَ عَلَى عَرْشِهِ وَفَوْقَ كُلِّ شَيْءٍ تَعَالَى عَنْ الْأَشْبَاهِ وَالْأَمْثَالِ " اهـ.

وَقَالَ الْإِمَامُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ خَفِيفٍ فِي كِتَابِهِ الَّذِي سَمَّاهُ " اعْتِقَادُ التَّوْحِيدِ بِإِثْبَاتِ الْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ " قَالَ فِي آخِرِ خُطْبَتِهِ: فَاتَّفَقَتْ أَقْوَالُ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ فِي تَوْحِيدِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَمَعْرِفَةِ أَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ وَقَضَائِهِ قَوْلًا وَاحِدًا وَشَرْعًا ظَاهِرًا وَهُمْ الَّذِينَ نَقَلُوا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَلِكَ حَتَّى قَالَ {عَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي} وَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَحَدِيثَ {لَعَنَ اللَّهُ مَنْ أَحْدَثَ حَدَثًا} قَالَ: فَكَانَتْ كَلِمَةُ الصَّحَابَةِ عَلَى الِاتِّفَاقِ مِنْ غَيْرِ اخْتِلَافٍ - وَهُمْ الَّذِينَ أُمِرْنَا بِالْأَخْذِ عَنْهُمْ إذْ لَمْ يَخْتَلِفُوا بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى فِي أَحْكَامِ التَّوْحِيدِ وَأُصُولِ الدِّينِ مِنْ " الْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ " كَمَا اخْتَلَفُوا فِي الْفُرُوعِ وَلَوْ كَانَ مِنْهُمْ فِي ذَلِكَ اخْتِلَافٌ لَنُقِلَ إلَيْنَا؛ كَمَا نُقِلَ سَائِرُ الِاخْتِلَافِ - فَاسْتَقَرَّ صِحَّةُ ذَلِكَ عِنْدَ خَاصَّتِهِمْ وَعَامَّتِهِمْ؛ حَتَّى أَدَّوْا ذَلِكَ إلَى التَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانِ فَاسْتَقَرَّ صِحَّةُ ذَلِكَ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ الْمَعْرُوفِينَ؛ حَتَّى نَقَلُوا ذَلِكَ قَرْنًا بَعْدَ قَرْنٍ؛ لِأَنَّ الِاخْتِلَافَ كَانَ عِنْدَهُمْ فِي الْأَصْلِ كُفْرٌ وَلِلَّهِ الْمِنَّةُ. ثُمَّ إنِّي قَائِلٌ - وَبِاَللَّهِ أَقُولُ - إنَّهُ لَمَّا اخْتَلَفُوا فِي أَحْكَامِ التَّوْحِيدِ وَذِكْرِ الْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ عَلَى خِلَافِ مَنْهَجِ الْمُتَقَدِّمِينَ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ فَخَاضُوا فِي ذَلِكَ مَنْ لَمْ يُعْرَفُوا بِعِلْمِ الْآثَارِ وَلَمْ يَعْقِلُوا قَوْلَهُمْ بِذِكْرِ الْأَخْبَارِ وَصَارَ مِعْوَلُهُمْ عَلَى أَحْكَامِ هَوَى حُسْنِ النَّفْسِ الْمُسْتَخْرَجَةِ مِنْ سُوءِ الظَّنِّ بِهِ عَلَى مُخَالَفَةِ السُّنَّةِ وَالتَّعَلُّقِ مِنْهُمْ بِآيَاتِ لَمْ يُسْعِدْهُمْ فِيهَا مَا وَافَقَ النُّفُوسَ فَتَأَوَّلُوا عَلَى مَا وَافَقَ هَوَاهُمْ