لِوُجُوهِ مُتَعَدِّدَةٍ {وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْمُسْتَحَاضَةِ: إنَّمَا ذَلِكَ عِرْقٌ وَلَيْسَ بِالْحَيْضَةِ} تَعْلِيلٌ لِعَدَمِ وُجُوبِ الْغُسْلِ لَا لِوُجُوبِ الْوُضُوءِ فَإِنَّ وُجُوبَ الْوُضُوءِ لَا يَخْتَصُّ بِدَمِ الْعُرُوقِ بَلْ كَانَتْ قَدْ ظَنَّتْ أَنَّ ذَلِكَ الدَّمَ هُوَ دَمُ الْحَيْضِ الَّذِي يُوجِبُ الْغُسْلَ فَبَيَّنَ لَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ هَذَا لَيْسَ هُوَ دَمَ الْحَيْضِ الَّذِي يُوجِبُ الْغُسْلَ فَإِنَّ ذَلِكَ يَرْشَحُ مِنْ الرَّحِمِ كَالْعَرَقِ وَإِنَّمَا هَذَا دَمُ عِرْقٍ انْفَجَرَ فِي الرَّحِمِ وَدِمَاءُ الْعُرُوقِ لَا تُوجِبُ الْغُسْلَ وَهَذِهِ مَسَائِلُ مَبْسُوطَةٌ فِي مَوَاضِعَ أُخَرَ. وَالْمَقْصُودُ هُنَا التَّنْبِيهُ عَلَى فَسَادِ قَوْلِ مَنْ يَدَّعِي التَّنَاقُضَ فِي مَعَانِي الشَّرِيعَةِ أَوْ أَلْفَاظِهَا وَيَزْعُمُ أَنَّ الشَّارِعَ يُفَرِّقُ بَيْنَ الْمُتَمَاثِلَيْنِ بَلْ نَبِيُّنَا مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بُعِثَ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ بِالْحِكْمَةِ وَالْعَدْلِ وَالرَّحْمَةِ فَلَا يُفَرِّقُ بَيْنَ شَيْئَيْنِ فِي الْحُكْمِ إلَّا لِافْتِرَاقِ صِفَاتِهِمَا الْمُنَاسِبَةِ لِلْفَرْقِ وَلَا يُسَوِّي بَيْنَ شَيْئَيْنِ إلَّا لِتَمَاثُلِهِمَا فِي الصِّفَاتِ الْمُنَاسِبَةِ لِلتَّسْوِيَةِ. وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ الْوُضُوءُ مِنْ مَسِّ الذَّكَرِ وَلَا النِّسَاءِ وَلَا خُرُوجِ النَّجَاسَاتِ مِنْ غَيْرِ السَّبِيلَيْنِ وَلَا الْقَهْقَهَةِ وَلَا غُسْلِ الْمَيِّتِ فَإِنَّهُ لَيْسَ مَعَ الْمُوجِبِينَ دَلِيلٌ صَحِيحٌ بَلْ الْأَدِلَّةُ الرَّاجِحَةُ تَدُلُّ عَلَى عَدَمِ الْوُجُوبِ لَكِنَّ الِاسْتِحْبَابَ مُتَوَجِّهٌ ظَاهِرٌ فَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَتَوَضَّأَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute