أَصْحَابُ الْإِمَامِ أَحْمَد وَإِنْ كَانَ أَكْثَرُهُمْ يَقُولُونَ: لَا يُحَاسَبُونَ وَاخْتَلَفَ فِيهَا غَيْرُهُمْ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَأَهْلِ الْكَلَامِ. وَذَلِكَ أَنَّ " الْحِسَابَ " قَدْ يُرَادُ بِهِ الْإِحَاطَةُ بِالْأَعْمَالِ وَكِتَابَتُهَا فِي الصُّحُفِ وَعَرْضُهَا عَلَى الْكُفَّارِ وَتَوْبِيخُهُمْ عَلَى مَا عَمِلُوهُ وَزِيَادَةُ الْعَذَابِ وَنَقْصُهُ بِزِيَادَةِ الْكُفْرِ وَنَقْصِهِ فَهَذَا الضَّرْبُ مِنْ الْحِسَابِ ثَابِتٌ بِالِاتِّفَاقِ. وَقَدْ يُرَادُ " بِالْحِسَابِ " وَزْنُ الْحَسَنَاتِ بِالسَّيِّئَاتِ لِيَتَبَيَّنَ أَيُّهُمَا أَرْجَحُ: فَالْكَافِرُ لَا حَسَنَاتِ لَهُ تُوزَنُ بِسَيِّئَاتِهِ؛ إذْ أَعْمَالُهُ كُلُّهَا حَابِطَةٌ وَإِنَّمَا تُوزَنُ لِتَظْهَرَ خِفَّةُ مَوَازِينِهِ لَا لِيَتَبَيَّنَ رُجْحَانُ حَسَنَاتٍ لَهُ. وَقَدْ يُرَادُ " بِالْحِسَابِ " أَنَّ اللَّهَ: هَلْ هُوَ الَّذِي يُكَلِّمُهُمْ أَمْ لَا؟ فَالْقُرْآنُ وَالْحَدِيثُ يَدُلَّانِ عَلَى أَنَّ اللَّهَ يُكَلِّمُهُمْ تَكْلِيمَ تَوْبِيخٍ وَتَقْرِيعٍ وَتَبْكِيتٍ لَا تَكْلِيمَ تَقْرِيبٍ وَتَكْرِيمٍ وَرَحْمَةٍ وَإِنْ كَانَ مِنْ الْعُلَمَاءِ مَنْ أَنْكَرَ تَكْلِيمَهُمْ جُمْلَةً.
وَالْأَقْوَالُ الثَّلَاثَةُ فِي " رُؤْيَةِ الْكُفَّارِ ":
أَحَدُهَا: أَنَّ الْكُفَّارَ لَا يَرَوْنَ رَبَّهُمْ بِحَالِ لَا الْمُظْهِرُ لِلْكُفْرِ وَلَا الْمُسِرُّ لَهُ وَهَذَا قَوْلُ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ الْمُتَأَخِّرِينَ وَعَلَيْهِ يَدُلُّ عُمُومُ كَلَامِ الْمُتَقَدِّمِينَ وَعَلَيْهِ جُمْهُورُ أَصْحَابِ الْإِمَامِ أَحْمَد وَغَيْرِهِمْ.
الثَّانِي: أَنَّهُ يَرَاهُ مَنْ أَظْهَرَ التَّوْحِيدَ مِنْ مُؤْمِنِي هَذِهِ الْأُمَّةِ وَمُنَافِقِيهَا وَغَبَرَاتٍ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَذَلِكَ فِي عَرْصَةِ الْقِيَامَةِ ثُمَّ يَحْتَجِبُ عَنْ الْمُنَافِقِينَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute