أَوْ الْفَرَسَ أَوْ الْبَعِيرَ إذَا شَرَدَ؛ فَإِنَّ صَاحِبَهُ إذَا بَاعَهُ فَإِنَّمَا يَبِيعُهُ مُخَاطَرَةً فَيَشْتَرِيهِ الْمُشْتَرِي بِدُونِ ثَمَنِهِ بِكَثِيرِ. فَإِنْ حَصَلَ لَهُ قَالَ الْبَائِعُ: قمرتني وَأَخَذْت مَالِي بِثَمَنِ قَلِيلٍ وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ قَالَ الْمُشْتَرِي: قمرتني وَأَخَذْت الثَّمَنَ مِنِّي بِلَا عِوَضٍ فَيُفْضِي إلَى مَفْسَدَةِ الْمَيْسِرِ: الَّتِي هِيَ إيقَاعُ الْعَدَاوَةِ وَالْبَغْضَاءِ مَعَ مَا فِيهِ مِنْ أَكْلِ الْمَالِ بِالْبَاطِلِ الَّذِي هُوَ نَوْعٌ مِنْ الظُّلْمِ. فَفِي بَيْعِ الْغَرَرِ ظُلْمٌ وَعَدَاوَةٌ وَبَغْضَاءُ. وَمِنْ نَوْعِ الْغَرَرِ مَا نَهَى عَنْهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ بَيْعِ حَبَلِ الْحَبَلَةِ والملاقيح وَالْمَضَامِينِ وَمِنْ بَيْعِ السِّنِينَ وَبَيْعِ الثَّمَرِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ وَبَيْعِ الْمُلَامَسَةِ وَالْمُنَابَذَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ: كُلُّهُ مِنْ نَوْعِ الْغَرَرِ. وَأَمَّا الرِّبَا: فَتَحْرِيمُهُ فِي الْقُرْآنِ أَشَدُّ وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} {فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} وَذَكَرَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْكَبَائِرِ كَمَا خَرَّجَاهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. وَذَكَرَ اللَّهُ أَنَّهُ حَرَّمَ عَلَى الَّذِينَ هَادُوا طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ بِظُلْمِهِمْ وَصَدِّهِمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَأَخْذِهِمْ الرِّبَا وَأَكْلِهِمْ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ. وَأَخْبَرَ سُبْحَانَهُ أَنَّهُ يَمْحَقُ الرِّبَا كَمَا يُرْبِي الصَّدَقَاتِ. وَكِلَاهُمَا أَمْرٌ مُجَرَّبٌ عِنْدَ النَّاسِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute