الصِّيَامُ مَرَّتَيْنِ إلَّا بِتَفْرِيطِ مِنْ الْعَبْدِ. فَأَمَّا مَعَ عَدَمِ تَفْرِيطِهِ فَلَمْ يُوجِبْ اللَّهُ صَوْمَ شَهْرَيْنِ فِي السُّنَّةِ وَلَا صَلَاةَ ظُهْرَيْنِ فِي يَوْمٍ وَهَذَا مِمَّا يُعْرَفُ بِهِ ضَعْفُ قَوْلِ مَنْ يُوجِبُ الصَّلَاةَ وَيُوجِبُ إعَادَتَهَا. فَإِنَّ هَذَا أَصْلٌ ضَعِيفٌ. كَمَا بُسِطَ الْقَوْلُ عَلَيْهِ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ. وَيَدْخُلُ فِي هَذَا مَنْ يَأْمُرُ بِالصَّلَاةِ خَلْفَ الْفَاسِقِ وَإِعَادَتِهَا وَبِالصَّلَاةِ مَعَ الْأَعْذَارِ النَّادِرَةِ الَّتِي لَا تَتَّصِلُ وَإِعَادَتِهَا وَمَنْ يَأْمُرُ الْمُسْتَحَاضَةَ بِالصِّيَامِ مَرَّتَيْنِ وَنَحْوَ ذَلِكَ مِمَّا يُوجَدُ فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَد فِي أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ. فَإِنَّ الصَّوَابَ مَا عَلَيْهِ جُمْهُورُ الْمُسْلِمِينَ أَنَّ مَنْ فَعَلَ الْعِبَادَةَ كَمَا أُمِرَ بِحَسَبِ وُسْعِهِ فَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} وَلَمْ يُعْرَفْ قَطُّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ الْعَبْدَ أَنْ يُصَلِّيَ الصَّلَاةَ مَرَّتَيْنِ لَكِنْ يَأْمُرُ بِالْإِعَادَةِ مَنْ لَمْ يَفْعَلْ مَا أُمِرَ بِهِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى ذَلِكَ كَمَا قَالَ لِلْمُسِيءِ فِي صَلَاتِهِ: {ارْجِعْ فَصَلِّ فَإِنَّك لَمْ تُصَلِّ} وَكَمَا أَمَرَ مَنْ صَلَّى خَلْفَ الصَّفِّ وَحْدَهُ أَنْ يُعِيدَ الصَّلَاةَ " فَأَمَّا الْمَعْذُورُ كَاَلَّذِي يَتَيَمَّمُ لِعَدَمِ الْمَاءِ أَوْ خَوْفَ الضَّرَرِ بِاسْتِعْمَالِهِ لِمَرَضِ أَوْ لِبَرْدٍ وكالاستحاضة وَأَمْثَالِ هَؤُلَاءِ؛ فَإِنَّ سُنَّةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَؤُلَاءِ أَنْ يَفْعَلُوا مَا يَقْدِرُونَ عَلَيْهِ بِحَسَبِ اسْتِطَاعَتِهِمْ وَيَسْقُطُ عَنْهُمْ مَا يَعْجِزُونَ عَنْهُ بَلْ سُنَّتُهُ فِيمَنْ كَانَ لَمْ يَعْلَمْ الْوُجُوبَ أَنَّهُ لَا قَضَاءَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute