للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَمَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ عِبَادَهُ مِنْ الْأَسْبَابِ فَهُوَ عِبَادَةٌ وَالتَّوَكُّلُ مَقْرُونٌ بِالْعِبَادَةِ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ} وَفِي قَوْلِهِ: {قُلْ هُوَ رَبِّي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ مَتَابِ} وَقَوْلِ شُعَيْبٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ {عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ} وَمِنْهُمْ طَائِفَةٌ قَدْ تَتْرُكُ الْمُسْتَحَبَّاتِ مِنْ الْأَعْمَالِ دُونَ الْوَاجِبَاتِ فَتَنْقُصُ بِقَدْرِ ذَلِكَ. وَمِنْهُمْ طَائِفَةٌ يَغْتَرُّونَ بِمَا يَحْصُلُ لَهُمْ مِنْ خَرْقِ عَادَةٍ مِثْلَ مُكَاشَفَةٍ؛ أَوْ اسْتِجَابَةِ دَعْوَةٍ مُخَالِفَةٍ لِلْعَادَةِ الْعَامَّةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَيَشْتَغِلُ أَحَدُهُمْ عَمَّا أُمِرَ بِهِ مِنْ الْعِبَادَةِ وَالشُّكْرِ وَنَحْوِ ذَلِكَ. فَهَذِهِ الْأُمُورُ وَنَحْوُهَا كَثِيرًا مَا تَعْرِضُ لِأَهْلِ السُّلُوكِ وَالتَّوَجُّهِ؛ وَإِنَّمَا يَنْجُو الْعَبْدُ مِنْهَا بِمُلَازَمَةِ أَمْرِ اللَّهِ الَّذِي بَعَثَ بِهِ رَسُولَهُ فِي كُلِّ وَقْتٍ. كَمَا قَالَ الزُّهْرِيُّ: كَانَ مَنْ مَضَى مِنْ سَلَفِنَا يَقُولُونَ: الِاعْتِصَامُ بِالسُّنَّةِ نَجَاةٌ. وَذَلِكَ أَنَّ السُّنَّةَ - كَمَا قَالَ مَالِكٌ رَحِمَهُ اللَّهُ - مِثْلُ سَفِينَةِ نُوحٍ مَنْ رَكِبَهَا نَجَا وَمَنْ تَخَلَّفَ عَنْهَا غَرِقَ. وَالْعِبَادَةُ وَالطَّاعَةُ وَالِاسْتِقَامَةُ وَلُزُومُ الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ وَنَحْوُ ذَلِكَ مِنْ الْأَسْمَاءِ مَقْصُودُهَا وَاحِدٌ وَلَهَا أَصْلَانِ: