وَمِنْ ذَلِكَ فِي الطَّهَارَةِ أَنَّ مَالِكًا رَأَى الْوُضُوءَ مِنْ مَسِّ الذَّكَرِ وَلَمْسِ النِّسَاءِ لِشَهْوَةِ دُونَ الْقَهْقَهَةِ فِي الصَّلَاةِ وَلَمْسِ النِّسَاءِ لِغَيْرِ شَهْوَةٍ وَدُونَ الْخَارِجِ النَّادِرِ مِنْ السَّبِيلَيْنِ وَالْخَارِجِ النَّجِسِ مِنْ غَيْرِهِمَا. وَأَبُو حَنِيفَةَ رَآهَا مِنْ الْقَهْقَهَةِ وَالْخَارِجِ النَّجِسِ مِنْ السَّبِيلَيْنِ مُطْلَقًا وَلَا يَرَاهَا مِنْ مَسِّ الذَّكَرِ. وَمَعْلُومٌ أَنَّ أَحَادِيثَ نَقْضِ الْوُضُوءِ مِنْ مَسِّ الذَّكَرِ أَثْبَتُ وَأَعْرَفُ مِنْ أَحَادِيثِ الْقَهْقَهَةِ؛ فَإِنَّهُ لَمْ يَرْوِ أَحَدٌ مِنْهَا فِي السُّنَنِ شَيْئًا وَهِيَ مَرَاسِيلُ ضَعِيفَةٌ عِنْدَ أَهْلِ الْحَدِيثِ؛ وَلِهَذَا لَمْ يَذْهَبْ إلَى وُجُوبِ الْوُضُوءِ مِنْ الْقَهْقَهَةِ أَحَدٌ مِنْ عُلَمَاءِ الْحَدِيثِ؛ لِعِلْمِهِمْ بِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ فِيهَا شَيْءٌ. وَالْوُضُوءُ مِنْ مَسِّ الذَّكَرِ فِيهِ طَرِيقَانِ: مِنْهُمْ مَنْ يَجْعَلُهُ تَعَبُّدًا لَا يُعْقَلُ مَعْنَاهُ فَلَا يَكُونُ بَعِيدًا عَنْ الْأُصُولِ كَالْوُضُوءِ مِنْ الْقَهْقَهَةِ فِي الصَّلَاةِ. وَمِنْهُمْ مَنْ لَا يَجْعَلُهُ تَعَبُّدًا؛ فَهُوَ حِينَئِذٍ أَظْهَرُ وَأَقْوَى. وَأَمَّا لَمْسُ النِّسَاءِ فَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ مَشْهُورَةٍ: قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ: لَا وُضُوءَ مِنْهُ بِحَالِ وَقَوْلُ مَالِكٍ وَأَهْلِ الْمَدِينَةِ - وَهُوَ الْمَشْهُورُ عَنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute