تَدْخُلُ مَعَ التَّتَارِ فَيَصِيرُونَ حِزْبًا عَلَى أَهْلِ الْمَغْرِبِ. فَهَذَا وَغَيْرُهُ مِمَّا يُبَيِّنُ أَنَّ هَذِهِ الْعِصَابَةَ الَّتِي بِالشَّامِ وَمِصْرَ فِي هَذَا الْوَقْتِ هُمْ كَتِيبَةُ الْإِسْلَامِ وَعِزُّهُمْ عِزُّ الْإِسْلَامِ وَذُلُّهُمْ ذُلُّ الْإِسْلَامِ. فَلَوْ اسْتَوْلَى عَلَيْهِمْ التَّتَارُ لَمْ يَبْقَ لِلْإِسْلَامِ عِزٌّ وَلَا كَلِمَةٌ عَالِيَةٌ وَلَا طَائِفَةٌ ظَاهِرَةٌ عَالِيَةٌ يَخَافُهَا أَهْلُ الْأَرْضِ تُقَاتِلُ مِنْهُ. فَمَنْ قَفَزَ عَنْهُمْ إلَى التَّتَارِ كَانَ أَحَقَّ بِالْقِتَالِ مِنْ كَثِيرٍ مِنْ التَّتَارِ؛ فَإِنَّ التَّتَارَ فِيهِمْ الْمُكْرَهُ وَغَيْرُ الْمُكْرَهِ وَقَدْ اسْتَقَرَّتْ السُّنَّةُ بِأَنَّ عُقُوبَةَ الْمُرْتَدِّ أَعْظَمُ مِنْ عُقُوبَةِ الْكَافِرِ الْأَصْلِيِّ مِنْ وُجُوهٍ مُتَعَدِّدَةٍ. مِنْهَا أَنَّ الْمُرْتَدَّ يُقْتَلُ بِكُلِّ حَالٍ وَلَا يُضْرَبُ عَلَيْهِ جِزْيَةٌ وَلَا تُعْقَدُ لَهُ ذِمَّةٌ؛ بِخِلَافِ الْكَافِرِ الْأَصْلِيِّ. وَمِنْهَا أَنَّ الْمُرْتَدَّ يُقْتَلُ وَإِنْ كَانَ عَاجِزًا عَنْ الْقِتَالِ؛ بِخِلَافِ الْكَافِرِ الْأَصْلِيِّ الَّذِي لَيْسَ هُوَ مِنْ أَهْلِ الْقِتَالِ فَإِنَّهُ لَا يُقْتَلُ عِنْدَ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ كَأَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِكٍ وَأَحْمَد؛ وَلِهَذَا كَانَ مَذْهَبُ الْجُمْهُورِ أَنَّ الْمُرْتَدَّ يُقْتَلُ كَمَا هُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَد. وَمِنْهَا أَنَّ الْمُرْتَدَّ لَا يَرِثُ وَلَا يُنَاكِحُ وَلَا تُؤْكَلُ ذَبِيحَتُهُ بِخِلَافِ الْكَافِرِ الْأَصْلِيِّ. إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْأَحْكَامِ. وَإِذَا كَانَتْ الرِّدَّةُ عَنْ أَصْلِ الدِّينِ أَعْظَمَ مِنْ الْكُفْرِ بِأَصْلِ الدِّينِ فَالرِّدَّةُ عَنْ شَرَائِعِهِ أَعْظَمُ مِنْ خُرُوجِ الْخَارِجِ الْأَصْلِيِّ عَنْ شَرَائِعِهِ؛ وَلِهَذَا كَانَ كُلُّ مُؤْمِنٍ يَعْرِفُ أَحْوَالَ التَّتَارِ وَيَعْلَمُ أَنَّ الْمُرْتَدِّينَ الَّذِينَ فِيهِمْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute