أُصُولِ الْفِقْهِ مِنْ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ فَلَيْسَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ؛ فَإِنَّ الْكَلَامَ فِي أُصُولِ الْفِقْهِ وَتَقْسِيمِهَا إلَى: الْكِتَابِ؛ وَالسُّنَّةِ؛ وَالْإِجْمَاعِ؛ وَاجْتِهَادِ الرَّأْيِ؛ وَالْكَلَامِ فِي وَجْهِ دَلَالَةِ الْأَدِلَّةِ الشَّرْعِيَّةِ عَلَى الْأَحْكَامِ: أَمْرٌ مَعْرُوفٌ مِنْ زَمَنِ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالتَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانِ؛ وَمَنْ بَعْدَهُمْ مِنْ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَهُمْ كَانُوا أَقْعَدَ بِهَذَا الْفَنِّ وَغَيْرِهِ مِنْ فُنُونِ الْعِلْمِ الدِّينِيَّةِ مِمَّنْ بَعْدَهُمْ وَقَدْ كَتَبَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إلَى شريح: اقْضِ بِمَا فِي كِتَابِ اللَّهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَبِمَا فِي سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَبِمَا اجْتَمَعَ عَلَيْهِ النَّاسُ - وَفِي لَفْظٍ - فَبِمَا قَضَى بِهِ الصَّالِحُونَ؛ فَإِنْ لَمْ تَجِدْ فَإِنْ شِئْت أَنْ تَجْتَهِدَ رَأْيَك. وَكَذَلِكَ قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَحَدِيثُ مُعَاذٍ مِنْ أَشْهَرِ الْأَحَادِيثِ عِنْدَ الْأُصُولِيِّينَ. وَإِنْ كَانَ مَقْصُودُهُ بِالْأُصُولِيِّ مَنْ يَعْرِفُ " أُصُولَ الْفِقْهِ " وَهِيَ أَدِلَّةُ الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ عَلَى طَرِيقِ الْإِجْمَالِ؛ بِحَيْثُ يُمَيِّزُ بَيْنَ الدَّلِيلِ الشَّرْعِيِّ وَبَيْنَ غَيْرِهِ؛ وَيَعْرِفُ مَرَاتِبَ الْأَدِلَّةِ؛ فَيُقَدِّمُ الرَّاجِحَ مِنْهَا - وَهَذَا هُوَ مَوْضُوعُ أُصُولِ الْفِقْهِ؛ فَإِنَّ مَوْضُوعَهُ مَعْرِفَةُ الدَّلِيلِ الشَّرْعِيِّ وَمَرْتَبَتِهِ - فَكُلُّ مُجْتَهِدٍ فِي الْإِسْلَامِ فَهُوَ أُصُولِيٌّ؛ إذْ مَعْرِفَةُ الدَّلِيلِ الشَّرْعِيِّ وَمَرْتَبَتِهِ بَعْضُ مَا يَعْرِفُهُ الْمُجْتَهِدُ وَلَا يَكْفِي فِي كَوْنِهِ مُجْتَهِدًا أَنْ يَعْرِفَ جِنْسَ الْأَدِلَّةِ بَلْ لَا بُدَّ أَنْ يَعْرِفَ أَعْيَانَ الْأَدِلَّةِ وَمَنْ عَرَفَ أَعْيَانَهَا وَمَيَّزَ بَيْنَ أَعْيَانِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute