الْأَدِلَّةِ الشَّرْعِيَّةِ وَبَيْنَ غَيْرِهَا كَانَ بِجِنْسِهَا أَعْرَفَ كَمَنْ يَعْرِفُ أَنْ يُمَيِّزَ بَيْنَ أَشْخَاصِ الْإِنْسَانِ وَغَيْرِهَا فَالتَّمْيِيزُ بَيْنَ نَوْعِهَا لَازِمٌ لِذَلِكَ؛ إذْ يَمْتَنِعُ تَمْيِيزُ الْأَشْخَاصِ بِدُونِ تَمْيِيزِ الْأَنْوَاعِ. وَأَيْضًا فَالْأُصُولِيُّونَ يَذْكُرُونَ فِي مَسَائِلِ أُصُولِ الْفِقْهِ مَذَاهِبَ الْمُجْتَهِدِينَ كَمَالِكِ؛ وَالشَّافِعِيِّ؛ وَالْأَوْزَاعِي؛ وَأَبِي حَنِيفَةَ؛ وَأَحْمَد بْنِ حَنْبَلٍ ودَاوُد وَمَذْهَبِ أَتْبَاعِهِمْ بَلْ هَؤُلَاءِ وَنَحْوُهُمْ هُمْ أَحَقُّ النَّاسِ بِمَعْرِفَةِ أُصُولِ الْفِقْهِ؛ إذْ كَانُوا يَعْرِفُونَهَا بِأَعْيَانِهَا وَيَسْتَعْمِلُونَ الْأُصُولَ فِي الِاسْتِدْلَالِ عَلَى الْأَحْكَامِ بِخِلَافِ الَّذِينَ يُجَرِّدُونَ الْكَلَامَ فِي أُصُولٍ مُقَدَّرَةٍ بَعْضُهَا وُجِدَ وَبَعْضُهَا لَا يُوجَدُ مِنْ غَيْرِ مَعْرِفَةِ أَعْيَانِهَا فَإِنَّ هَؤُلَاءِ لَوْ كَانَ مَا يَقُولُونَهُ حَقًّا فَهُوَ قَلِيلُ الْمَنْفَعَةِ أَوْ عَدِيمُهَا؛ إذْ كَانَ تَكَلُّمًا فِي أَدِلَّةٍ مُقَدَّرَةٍ فِي الْأَذْهَانِ لَا تَحَقُّقَ لَهَا فِي الْأَعْيَانِ كَمَنْ يَتَكَلَّمُ فِي الْفِقْهِ فِيمَا يُقَدِّرُهُ مِنْ أَفْعَالِ الْعِبَادِ وَهُوَ لَا يَعْرِفُ حُكْمَ الْأَفْعَالِ الْمُحَقَّقَةِ مِنْهُ فَكَيْفَ وَأَكْثَرُ مَا يَتَكَلَّمُونَ بِهِ مِنْ هَذِهِ الْمُقَدَّرَاتِ فَهُوَ كَلَامٌ بَاطِلٌ وَإِذَا كَانَ اسْمُ الْأُصُولِيِّينَ يَتَنَاوَلُ الْمُجْتَهِدِينَ الْمَشْهُورِينَ الْمَتْبُوعِينَ كَالْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ؛ وَالثَّوْرِيِّ؛ وَالْأَوْزَاعِي وَاللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ وَإِسْحَاقَ بْنِ رَاهَوَيْه وَغَيْرِهِمْ وَإِنْ كَانَ مَقْصُودُ الْأُصُولِيِّينَ مَنْ جَرَّدَ الْكَلَامَ فِي أُصُولِ الْفِقْهِ عَنْ الْأَدِلَّةِ الْمُعَيَّنَةِ كَمَا فَعَلَهُ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَد بْنُ حَنْبَلٍ وَمَنْ بَعْدَهُمَا وَكَمَا فَعَلَهُ عِيسَى بْنُ أَبَانَ وَنَحْوُهُ وَكَمَا فَعَلَهُ الْمُصَنِّفُونَ فِي أُصُولِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute