وَبِكُلِّ حَالٍ: فَهُمْ أَعْلَمُ الْأُمَّةِ بِحَدِيثِ الرَّسُولِ وَسِيرَتِهِ وَمَقَاصِدِهِ وَأَحْوَالِهِ. وَنَحْنُ لَا نَعْنِي بِأَهْلِ الْحَدِيثِ الْمُقْتَصِرِينَ عَلَى سَمَاعِهِ أَوْ كِتَابَتِهِ أَوْ رِوَايَتِهِ بَلْ نَعْنِي بِهِمْ: كُلَّ مَنْ كَانَ أَحَقَّ بِحِفْظِهِ وَمَعْرِفَتِهِ وَفَهْمِهِ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا وَاتِّبَاعِهِ بَاطِنًا وَظَاهِرًا وَكَذَلِكَ أَهْلُ الْقُرْآنِ. وَأَدْنَى خَصْلَةٍ فِي هَؤُلَاءِ: مَحَبَّةُ الْقُرْآنِ وَالْحَدِيثِ وَالْبَحْثِ عَنْهُمَا وَعَنْ مَعَانِيهِمَا وَالْعَمَلِ بِمَا عَلِمُوهُ مِنْ مُوجِبِهِمَا. فَفُقَهَاءُ الْحَدِيثِ أَخْبَرُ بِالرَّسُولِ مِنْ فُقَهَاءِ غَيْرِهِمْ وَصُوفِيَّتُهُمْ أَتَبَعُ لِلرَّسُولِ مِنْ صُوفِيَّةِ غَيْرِهِمْ وَأُمَرَاؤُهُمْ أَحَقُّ بِالسِّيَاسَةِ النَّبَوِيَّةِ مِنْ غَيْرِهِمْ وَعَامَّتُهُمْ أَحَقُّ بِمُوَالَاةِ الرَّسُولِ مِنْ غَيْرِهِمْ.
وَمِنْ الْمَعْلُومِ: أَنَّ الْمُعَظِّمِينَ لِلْفَلْسَفَةِ وَالْكَلَامِ الْمُعْتَقِدِينَ لِمَضْمُونِهِمَا هُمْ أَبْعَدُ عَنْ مَعْرِفَةِ الْحَدِيثِ وَأَبْعَدُ عَنْ اتِّبَاعِهِ مِنْ هَؤُلَاءِ. هَذَا أَمْرٌ مَحْسُوسٌ بَلْ إذَا كَشَفْت أَحْوَالَهُمْ وَجَدْتهمْ مِنْ أَجْهَلِ النَّاسِ بِأَقْوَالِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَحْوَالِهِ وَبَوَاطِنِ أُمُورِهِ وَظَوَاهِرِهَا حَتَّى لَتَجِدُ كَثِيرًا مِنْ الْعَامَّةِ أَعْلَمَ بِذَلِكَ مِنْهُمْ وَلَتَجِدَهُمْ لَا يُمَيِّزُونَ بَيْنَ مَا قَالَهُ الرَّسُولُ وَمَا لَمْ يَقُلْهُ بَلْ قَدْ لَا يُفَرِّقُونَ بَيْنَ حَدِيثٍ مُتَوَاتِرٍ عَنْهُ وَحَدِيثٍ مَكْذُوبٍ مَوْضُوعٍ عَلَيْهِ. وَإِنَّمَا يَعْتَمِدُونَ فِي مُوَافَقَتِهِ عَلَى مَا يُوَافِقُ قَوْلَهُمْ سَوَاءٌ كَانَ مَوْضُوعًا أَوْ غَيْرَ مَوْضُوعٍ فَيَعْدِلُونَ إلَى أَحَادِيثَ يَعْلَمُ خَاصَّةُ الرَّسُولِ بِالضَّرُورَةِ الْيَقِينِيَّةِ أَنَّهَا مَكْذُوبَةٌ عَلَيْهِ عَنْ أَحَادِيثَ يَعْلَمُ خَاصَّتُهُ بِالضَّرُورَةِ الْيَقِينِيَّةِ أَنَّهَا قَوْلُهُ وَهُمْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute