للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَإِنَّهُ قَصَدَ أَنْ يَبْنِيَ مَسْجِدًا وَأَحَبَّ أَنْ يَكُونَ أَوَّلَ مِنْ يُصَلِّي فِيهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنْ يَبْنِيَهُ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي صَلَّى فِيهِ فَالْمَقْصُودُ كَانَ بِنَاءَ الْمَسْجِدِ وَأَرَادَ أَنْ يُصَلِّيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَكَانِ الَّذِي يَبْنِيهِ فَكَانَتْ الصَّلَاةُ مَقْصُودَةً لِأَجْلِ الْمَسْجِدِ لَمْ يَكُنْ بِنَاءُ الْمَسْجِدِ مَقْصُودًا لِأَجْلِ كَوْنِهِ صَلَّى فِيهِ اتِّفَاقًا وَهَذَا الْمَكَانُ مَكَانٌ قَصَدَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصَّلَاةَ فِيهِ لِيَكُونَ مَسْجِدًا فَصَارَ قَصْدُ الصَّلَاةِ فِيهِ مُتَابَعَةً لَهُ بِخِلَافِ مَا اتَّفَقَ أَنَّهُ صَلَّى فِيهِ بِغَيْرِ قَصْدٍ وَكَذَلِكَ قَصْدُ يَوْمِ الِاثْنَيْنِ وَالْخَمِيسِ بِالصَّوْمِ مُتَابَعَةً لِأَنَّهُ قَصَدَ صَوْمَ هَذَيْنِ الْيَوْمَيْنِ وَقَالَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ {إنَّهُ تُفْتَحُ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ فِي كُلِّ خَمِيسٍ وَاثْنَيْنِ فَيُغْفَرُ لِكُلِّ عَبْدٍ لَا يُشْرِكُ بِاَللَّهِ شَيْئًا إلَّا رَجُلًا كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَخِيهِ شَحْنَاءُ فَيُقَالُ أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا} . وَكَذَلِكَ قَصْدُ إتْيَانِ مَسْجِدِ قُبَاء مُتَابَعَةً لَهُ فَإِنَّهُ قَدْ ثَبَتَ عَنْهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّهُ كَانَ يَأْتِي قُبَاء كُلَّ سَبْتٍ رَاكِبًا وَمَاشِيًا. وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ عَلَيْهِ: {لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ} وَكَانَ مَسْجِدُهُ هُوَ الْأَحَقَّ بِهَذَا الْوَصْفِ وَقَدْ ثَبَتَ {فِي الصَّحِيحِ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ الْمَسْجِدِ الْمُؤَسَّسِ عَلَى التَّقْوَى فَقَالَ: هُوَ مَسْجِدِي هَذَا} يُرِيدُ أَنَّهُ أَكْمَلُ فِي هَذَا الْوَصْفِ مِنْ مَسْجِدِ قُبَاء وَمَسْجِدُ قُبَاء أَيْضًا أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى وَبِسَبَبِهِ نَزَلَتْ الْآيَةُ؛ وَلِهَذَا قَالَ: {فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ