وَلَكِنَّ أَصْلَ هَذَا تَنَازُعُهُمْ فِي " مَسْأَلَةِ اللَّفْظِ " وَالْمَنْصُوصُ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَد وَنَحْوِهِ مِنْ الْعُلَمَاءِ أَنَّ مَنْ قَالَ: إنَّ اللَّفْظَ بِالْقُرْآنِ وَالتِّلَاوَةَ مَخْلُوقَةٌ فَهُوَ جهمي وَمَنْ قَالَ: إنَّهُ غَيْرُ مَخْلُوقٍ فَهُوَ مُبْتَدِعٌ؛ لِأَنَّ " اللَّفْظَ وَالتِّلَاوَةَ " يُرَادُ بِهِ الْمَلْفُوظُ الْمَتْلُوُّ. وَذَلِكَ هُوَ كَلَامُ اللَّهِ فَمَنْ جَعَلَ كَلَامَ اللَّهِ الَّذِي أَنْزَلَهُ عَلَى نَبِيِّهِ مَخْلُوقًا فَهُوَ جهمي. وَيُرَادُ بِذَلِكَ " الْمَصْدَرُ وَصِفَاتُ الْعِبَادِ " فَمَنْ جَعَلَ " أَفْعَالَ الْعِبَادِ وَأَصْوَاتَهُمْ غَيْرَ مَخْلُوقَةٍ " فَهُوَ مُبْتَدِعٌ ضَالٌّ. وَهَكَذَا ذَكَرَهُ الْأَشْعَرِيُّ فِي كِتَابِ " الْمَقَالَاتِ " عَنْ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْحَدِيثِ قَالَ: وَيَقُولُونَ: إنَّ الْقُرْآنَ كَلَامٌ غَيْرُ مَخْلُوقٍ وَالْكَلَامُ فِي الْوَقْفِ وَاللَّفْظِ بِدْعَةٌ. مَنْ قَالَ: بِاللَّفْظِ أَوْ الْوَقْفِ: فَهُوَ مُبْتَدِعٌ. وَعِنْدَهُمْ لَا يُقَالُ: اللَّفْظُ بِالْقُرْآنِ مَخْلُوقٌ وَلَا يُقَالُ: غَيْرُ مَخْلُوقٍ. وَلَيْسَ فِي الْأَئِمَّةِ وَالسَّلَفِ مَنْ قَالَ: إنَّ اللَّهَ لَا يَتَكَلَّمُ بِصَوْتِ بَلْ قَدْ ثَبَتَ عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ السَّلَفِ وَالْأَئِمَّةِ: أَنَّ اللَّهَ يَتَكَلَّمُ بِصَوْتِ وَجَاءَ ذَلِكَ فِي آثَارٍ مَشْهُورَةٍ عَنْ السَّلَفِ وَالْأَئِمَّةِ وَكَانَ السَّلَفُ وَالْأَئِمَّةُ يَذْكُرُونَ الْآثَارَ الَّتِي فِيهَا ذَكَرَ تَكَلَّمَ اللَّهُ بِالصَّوْتِ وَلَا يُنْكِرُهَا مِنْهُمْ أَحَدٌ حَتَّى قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَد: قُلْت لِأَبِي: إنَّ قَوْمًا يَقُولُونَ: إنَّ اللَّهَ لَا يَتَكَلَّمُ بِصَوْتِ فَقَالَ: يَا بُنَيَّ هَؤُلَاءِ جهمية إنَّمَا يَدُورُونَ عَلَى التَّعْطِيلِ. ثُمَّ ذَكَرَ بَعْضَ الْآثَارِ الْمَرْوِيَّةِ فِي ذَلِكَ. وَكَلَامُ " الْبُخَارِيِّ " فِي " كِتَابِ خَلْقِ الْأَفْعَالِ " صَرِيحٌ فِي أَنَّ اللَّهَ يَتَكَلَّمُ بِصَوْتِ وَفَرْقٌ بَيْنَ صَوْتِ اللَّهِ وَأَصْوَاتِ الْعِبَادِ وَذَكَرَ فِي ذَلِكَ عِدَّةَ أَحَادِيثَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَذَلِكَ تَرْجَمَ فِي كِتَابِ الصَّحِيحِ بَابٌ فِي قَوْله تَعَالَى:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute