السَّيِّدُ اللَّهُ} وَدَلَّ قَوْلُهُ. (الْأَحَدُ، الصَّمَدُ) عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ؛ فَإِنَّ الصَّمَدَ هُوَ الَّذِي لَا جَوْفَ لَهُ وَلَا أَحْشَاءَ فَلَا يَدْخُلُ فِيهِ شَيْءٌ فَلَا يَأْكُلُ وَلَا يَشْرَبُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى كَمَا قَالَ: {أَغَيْرَ اللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ يُطْعِمُ وَلَا يُطْعَمُ} وَفِي قِرَاءَةِ الْأَعْمَشِ وَغَيْرِهِ وَلَا يُطْعَمَ بِالْفَتْحِ. وَقَالَ تَعَالَى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إلَّا لِيَعْبُدُونِ} {مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ} {إنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ} وَمِنْ مَخْلُوقَاتِهِ الْمَلَائِكَةُ وَهُمْ صَمَدٌ لَا يَأْكُلُونَ وَلَا يَشْرَبُونَ فَالْخَالِقُ لَهُمْ جَلَّ جَلَالُهُ أَحَقُّ بِكُلِّ غِنًى وَكَمَالٍ جَعَلَهُ لِبَعْضِ مَخْلُوقَاتِهِ فَلِهَذَا فَسَّرَ بَعْضُ السَّلَفِ الصَّمَدَ بِأَنَّهُ الَّذِي لَا يَأْكُلُ وَلَا يَشْرَبُ وَالصَّمَدُ الْمُصْمَدُ الَّذِي لَا جَوْفَ لَهُ فَلَا يَخْرُجُ مِنْهُ عَيْنٌ مِنْ الْأَعْيَانِ فَلَا يَلِدُ. وَلِذَلِكَ قَالَ مَنْ قَال مِنْ السَّلَفِ: هُوَ الَّذِي لَا يَخْرُجُ مِنْهُ شَيْءٌ لَيْسَ مُرَادُهُمْ أَنَّهُ لَا يَتَكَلَّمُ وَإِنْ كَانَ يُقَالُ فِي الْكَلَامِ إنَّهُ خَرَجَ مِنْهُ كَمَا قَالَ فِي الْحَدِيثِ: {مَا تَقَرَّبَ الْعِبَادُ إلَى اللَّهِ بِشَيْءٍ أَفْضَلَ مِمَّا خَرَجَ مِنْهُ} يَعْنِي الْقُرْآنَ وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ لَمَّا سَمِعَ قُرْآنَ مُسَيْلِمَةَ: إنَّ هَذَا لَمْ يَخْرُجْ مِنْ إلٍّ. فَخُرُوجُ الْكَلَامِ مِنْ الْمُتَكَلِّمِ هُوَ بِمَعْنَى أَنَّهُ يَتَكَلَّمُ بِهِ فَيَسْمَعُ مِنْهُ وَيَبْلُغُ إلَى غَيْرِهِ لَيْسَ بِمَخْلُوقٍ فِي غَيْرِهِ كَمَا يَقُولُ الْجَهْمِيَّة: لَيْسَ بِمَعْنَى أَنَّ شَيْئًا مِنْ الْأَشْيَاءِ الْقَائِمَةِ بِهِ يُفَارِقُهُ وَيَنْتَقِلُ عَنْهُ إلَى غَيْرِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute