للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَيُّمَا أَفْضَلُ؟ هَذَا أَمْ تَكْثِيرُ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ مَعَ تَخْفِيفِ الْقِيَامِ؟ وَيَكُونُ هَذَا قَدْ عَدَلَ بَيْنَ الْقِيَامِ وَبَيْنَ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ فَخَفَّفَ الْجَمِيعَ. وَالصُّورَةُ الثَّانِيَةُ: أَنْ يُطِيلَ الْقِيَامَ فَيُطِيلَ مَعَهُ الرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ فَيُقَالُ: أَيُّمَا أَفْضَلُ؟ هَذَا أَمْ أَنْ يُكْثِرَ مِنْ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَالْقِيَامِ؟ وَهَذَا قَدْ عَدَلَ بَيْنَ الْقِيَامِ وَالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ فِي النَّوْعَيْنِ لَكِنْ أَيُّمَا أَفْضَلُ تَطْوِيلُ الصَّلَاةِ قِيَامًا وَرُكُوعًا وَسُجُودًا أَمْ تَكْثِيرُ ذَلِكَ مَعَ تَخْفِيفِهَا؟ فَهَذِهِ الصُّورَةُ ذَكَرَ أَبُو مُحَمَّدٍ وَغَيْرُهُ فِيهَا ثَلَاثُ رِوَايَاتٍ وَكَلَامُ غَيْرِهِ يَقْتَضِي أَنَّ النِّزَاعَ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى أَيْضًا. وَالصَّوَابُ فِي ذَلِكَ: أَنَّ الصُّورَةَ الْأُولَى تَقْلِيلُ الصَّلَاةِ مَعَ كَثْرَةِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَتَخْفِيفُ الْقِيَامِ أَفْضَلُ مِنْ تَطْوِيلِ الْقِيَامِ وَحْدَهُ مَعَ تَخْفِيفِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ. وَمَنْ فَضَّلَ تَطْوِيلَ الْقِيَامِ احْتَجُّوا بِالْحَدِيثِ الصَّحِيحِ {أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ: أَيُّ الصَّلَاةِ أَفْضَلُ فَقَالَ: طُولُ الْقُنُوتِ} . وَظَنُّوا أَنَّ الْمُرَادَ بِطُولِ الْقُنُوتِ طُولَ الْقِيَامِ وَإِنْ كَانَ مَعَ تَخْفِيفِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ. فَإِنَّ الْقُنُوتَ هُوَ دَوَامُ الْعِبَادَةِ وَالطَّاعَةِ وَيُقَالُ لِمَنْ أَطَالَ السُّجُودَ: إنَّهُ قَانِتٌ. قَالَ تَعَالَى: {أَمْ مَنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ} فَجَعَلَهُ قَانِتًا فِي حَالِ السُّجُودِ كَمَا هُوَ قَانِتٌ فِي حَالِ الْقِيَامِ وَقَدَّمَ السُّجُودَ عَلَى الْقِيَامِ.