للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عِبَادِهِ؟ قُلْت: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ: حَقُّهُ عَلَيْهِمْ أَنْ يَعْبُدُوهُ وَلَا يُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا. يَا مُعَاذُ أَتَدْرِي مَا حَقُّ الْعِبَادِ عَلَى اللَّهِ إذَا فَعَلُوا ذَلِكَ؟ قُلْت اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ: حَقُّهُمْ عَلَيْهِ أَنْ لَا يُعَذِّبَهُمْ} فَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ لِأَنْبِيَائِهِ وَعِبَادِهِ الصَّالِحِينَ عَلَيْهِ سُبْحَانَهُ حَقٌّ أَوْجَبَهُ عَلَى نَفْسِهِ مَعَ إخْبَارِهِ وَعَلَى الثَّانِي يَسْتَحِقُّونَ مَا أَخْبَرَ بِوُقُوعِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ سَبَبٌ يَقْتَضِيهِ. فَمَنْ قَالَ لَيْسَ لِلْمَخْلُوقِ عَلَى الْخَالِقِ حَقٌّ يُسْأَلُ بِهِ - كَمَا رُوِيَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ لدَاوُد: وَأَيُّ حَقٍّ لِآبَائِك عَلَيَّ؟ - فَهُوَ صَحِيحٌ إذَا أُرِيدَ بِذَلِكَ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْمَخْلُوقِ عَلَيْهِ حَقٌّ بِالْقِيَاسِ وَالِاعْتِبَارِ عَلَى خَلْقِهِ كَمَا يَجِبُ لِلْمَخْلُوقِ عَلَى الْمَخْلُوقِ وَهَذَا كَمَا يَظُنُّهُ جُهَّالُ الْعُبَّادِ مِنْ أَنَّ لَهُمْ عَلَى اللَّهِ سُبْحَانَهُ حَقًّا بِعِبَادَتِهِمْ. وَذَلِكَ أَنَّ النُّفُوسَ الْجَاهِلِيَّةَ تَتَخَيَّلُ أَنَّ الْإِنْسَانَ بِعِبَادَتِهِ وَعِلْمِهِ يَصِيرُ لَهُ عَلَى اللَّهِ حَقٌّ مِنْ جِنْسِ مَا يَصِيرُ لِلْمَخْلُوقِ عَلَى الْمَخْلُوقِ كَاَلَّذِينَ يَخْدِمُونَ مُلُوكَهُمْ وَمُلَّاكَهُمْ فَيَجْلِبُونَ لَهُمْ مَنْفَعَةً وَيَدْفَعُونَ عَنْهُمْ مَضَرَّةً وَيَبْقَى أَحَدُهُمْ يَتَقَاضَى الْعِوَضَ وَالْمُجَازَاةَ عَلَى ذَلِكَ وَيَقُولُ لَهُ عِنْدَ جَفَاءٍ أَوْ إعْرَاضٍ يَرَاهُ مِنْهُ: أَلَمْ أَفْعَلْ كَذَا؟ يَمُنُّ عَلَيْهِ بِمَا يَفْعَلُهُ مَعَهُ وَإِنْ لَمْ يَقُلْهُ بِلِسَانِهِ كَانَ ذَلِكَ فِي نَفْسِهِ. وَتَخَيُّلُ مِثْلِ هَذَا فِي حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى مِنْ جَهْلِ الْإِنْسَانِ وَظُلْمِهِ وَلِهَذَا بَيَّنَ سُبْحَانَهُ أَنَّ عَمَلَ الْإِنْسَانِ يَعُودُ نَفْعُهُ عَلَيْهِ وَأَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْ الْخَلْقِ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {إنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا} وقَوْله تَعَالَى {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ} وقَوْله تَعَالَى {إنْ تَكْفُرُوا