للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَكَثِيرٌ مِنْ هَؤُلَاءِ قَدْ يَجْرِي لَهُ نَوْعٌ مِنْ ذَلِكَ لَا سِيَّمَا عِنْدَ سَمَاعِ الْمُكَاءِ وَالتَّصْدِيَةِ؛ فَإِنَّ الشَّيَاطِينَ قَدْ تَنْزِلُ عَلَيْهِمْ وَقَدْ يُصِيبُ أَحَدَهُمْ كَمَا يُصِيبُ الْمَصْرُوعَ: مِنْ الْإِرْغَاءِ وَالْإِزْبَادِ وَالصِّيَاحِ الْمُنْكَرِ وَيُكَلِّمُهُ بِمَا لَا يَعْقِلُ هُوَ وَالْحَاضِرُونَ وَأَمْثَالُ ذَلِكَ مِمَّا يُمْكِنُ وُقُوعُهُ فِي هَؤُلَاءِ الضَّالِّينَ.

وَأَمَّا الْقِسْمُ الثَّالِثُ وَهُوَ أَنْ يَقُولُ: اللَّهُمَّ بِجَاهِ فُلَانٍ عِنْدَك أَوْ بِبَرَكَةِ فُلَانٍ أَوْ بِحُرْمَةِ فُلَانٍ عِنْدَك: افْعَلْ بِي كَذَا وَكَذَا. فَهَذَا يَفْعَلُهُ كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ؛ لَكِنْ لَمْ يُنْقَلْ عَنْ أَحَدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَسَلَفِ الْأُمَّةِ أَنَّهُمْ كَانُوا يَدْعُونَ بِمِثْلِ هَذَا الدُّعَاءِ وَلَمْ يَبْلُغْنِي عَنْ أَحَدٍ مِنْ الْعُلَمَاءِ فِي ذَلِكَ مَا أَحْكِيهِ؛ إلَّا مَا رَأَيْت فِي فَتَاوَى الْفَقِيهِ أَبِي مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ السَّلَامِ. فَإِنَّهُ أَفْتَى: أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِأَحَدِ أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ؛ إلَّا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - إنْ صَحَّ الْحَدِيثُ فِي النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - وَمَعْنَى الِاسْتِفْتَاءِ: قَدْ رَوَى النَّسَائِي وَالتِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُمَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ عَلَّمَ بَعْضَ أَصْحَابِهِ أَنْ يَدْعُوَ فَيَقُولَ: " {اللَّهُمَّ: إنِّي أَسْأَلُك وَأَتَوَسَّلُ إلَيْك بِنَبِيِّك نَبِيِّ الرَّحْمَةِ. يَا مُحَمَّدُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنِّي أَتَوَسَّلُ بِك إلَى رَبِّي فِي حَاجَتِي لِيَقْضِيَهَا لِي. اللَّهُمَّ: فَشَفِّعْهُ فِيَّ} فَإِنَّ هَذَا الْحَدِيثَ قَدْ اسْتَدَلَّ بِهِ طَائِفَةٌ عَلَى جَوَازِ التَّوَسُّلِ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ فِي حَيَاتِهِ وَبَعْدَ مَمَاتِهِ. قَالُوا: وَلَيْسَ فِي التَّوَسُّلِ دُعَاءُ