للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم إنَّ الَّذِينَ آمَنُوا بِالرُّسُلِ لَا بُدَّ أَنْ يَمْتَحِنَهُمْ لِيُمَيِّزَ بِهِ بَيْنَ الصَّادِقِ وَالْكَاذِبِ كَمَا قَالَ تَعَالَى {أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ} {وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ} ثُمَّ قَالَ: {أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ أَنْ يَسْبِقُونَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ} . فالناس إذَا أُرْسِلَ إلَيْهِمْ أَحَدُ رَجُلَيْنِ. إمَّا رَجُلٌ آمَنَ بِهِمْ فِي الظَّاهِرِ فَلَا بُدَّ أَنْ يُمْتَحَنَ حَتَّى يَتَبَيَّنَ الصَّادِقُ مِنْ الْكَاذِبِ. وَإِمَّا رَجُلٌ عَمِلَ السَّيِّئَاتِ وَلَمْ يُؤْمِنْ فَلَا يَفُوتُ اللَّهُ بَلْ هُوَ آخِذُهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى. وَلِهَذَا انْقَسَمَ النَّاسُ فِي الرُّسُلِ إلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ مُؤْمِنٌ بَاطِنٌ وَظَاهِرٌ وَكَافِرٌ مُظْهِرٌ لِلْكُفْرِ وَمُنَافِقٌ مُظْهِرٌ لِلْإِيمَانِ مُبْطِنٌ لِلْكُفْرِ. وَمِنْ حِينِ هَاجَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَى الْمَدِينَةِ حَصَلَ هَذَا الِانْقِسَامُ وَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى فِي أَوَّلِ الْبَقَرَةِ أَرْبَعَ آيَاتٍ فِي صِفَةِ الْمُؤْمِنِينَ وَآيَتَيْنِ فِي صِفَةِ الْكَافِرِينَ وَبِضْعَ عَشْرَةَ آيَةً فِي صِفَةِ الْمُنَافِقِينَ. وَأَمَّا حِينَ كَانَ بِمَكَّةَ وَكَانَ الْمُؤْمِنُونَ مُسْتَضْعَفِينَ فَلَمْ يَكُنْ أَحَدٌ يَحْتَاجُ