فِي مَنْزِلِهِ فِي الْحَضَرِ فَتَرَاهُ دُونَ الرِّجَالِ؛ بِخِلَافِ الصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ؛ فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَكُنْ يُصَلِّيهَا فِي الْحَضَرِ وَلَا فِي السَّفَرِ إلَّا إمَامًا بِأَصْحَابِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ عُذْرٌ مِنْ مَرَضٍ أَوْ غَيْبَةٍ لِحَاجَةِ كَمَا غَابَ يَوْمَ ذَهَبَ لِيُصْلِحَ بَيْنَ أَهْلِ قُبَاء وَكَمَا غَابَ فِي السَّفَرِ لِلطَّهَارَةِ فَقَدَّمُوا عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ فَصَلَّى بِهِمْ الصُّبْحَ وَلَمَّا حَضَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَسَّنَ ذَلِكَ وَصَوَّبَهُ. وَإِذَا كَانَ الْإِتْمَامُ إنَّمَا كَانَ وَالرِّجَالُ يُصَلُّونَ خَلْفَهُ فَهَذَا مِمَّا يَعْلَمُهُ الرِّجَالُ قَطْعًا وَهُوَ مِمَّا تَتَوَفَّرُ الْهِمَمُ وَالدَّوَاعِي عَلَى نَقْلِهِ؛ فَإِنَّ ذَلِكَ مُخَالِفٌ لِعَادَتِهِ فِي عَامَّةِ أَسْفَارِهِ؛ فَلَوْ فَعَلَهُ أَحْيَانًا لَتَوَفَّرَتْ هِمَمُهُمْ وَدَوَاعِيهِمْ عَلَى نَقْلِهِ كَمَا نَقَلُوا عَنْهُ الْمَسْحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ لَمَّا فَعَلَهُ وَإِنْ كَانَ الْغَالِبُ عَلَيْهِ الْوُضُوءَ. وَكَمَا نَقَلُوا عَنْهُ الْجَمْعَ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ أَحْيَانًا وَإِنْ كَانَ الْغَالِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُصَلِّيَ كُلَّ صَلَاةٍ فِي وَقْتِهَا الْخَاصِّ مَعَ أَنَّ مُخَالَفَةَ سُنَّتِهِ أَظْهَرُ مِنْ مُخَالَفَةِ بَعْضِ الْوَقْتِ لِبَعْضِ فَإِنَّ النَّاسَ لَا يَشْعُرُونَ بِمُرُورِ الْأَوْقَاتِ كَمَا يَشْعُرُونَ بِمَا يُشَاهِدُونَهُ مِنْ اخْتِلَافِ الْعُذْرِ فَإِنَّ هَذَا أَمْرٌ يُرَى بِالْعَيْنِ لَا يَحْتَاجُ إلَى تَأَمُّلٍ وَاسْتِدْلَالٍ؛ بِخِلَافِ خُرُوجِ وَقْتِ الظُّهْرِ وَخُرُوجِ وَقْتِ الْمَغْرِبِ فَإِنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى تَأَمُّلٍ. وَلِهَذَا ذَهَبَ طَائِفَةٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ إلَى أَنَّ جَمْعَهُ إنَّمَا كَانَ فِي غَيْرِ عَرَفَةَ وَمُزْدَلِفَةَ بِأَنْ يُقَدِّمَ الثَّانِيَةَ وَيُؤَخِّرَ الْأُولَى إلَى آخِرِ وَقْتِهَا وَقَدْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute