للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَهَذَا يَعُمُّ جَمِيعَ أُصُولِ الْكُفْرِ الَّتِي هِيَ تَكْذِيبُ الرُّسُلِ أَوْ مُضَاهَاتُهُمْ كمسيلمة الْكَذَّابِ وَأَمْثَالِهِ. وَهَذِهِ هِيَ " أُصُولُ الْبِدَعِ " الَّتِي نَرُدُّهَا نَحْنُ فِي هَذَا الْمَقَامِ لِأَنَّ الْمُخَالِفَ لِلسُّنَّةِ يَرُدُّ بَعْضَ مَا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ يُعَارِضُ قَوْلَ الرَّسُولِ بِمَا يَجْعَلُهُ نَظِيرًا لَهُ: مِنْ رَأْيٍ أَوْ كَشْفٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ.

فَقَدْ تَبَيَّنَ أَنَّ الَّذِينَ يُسَمُّونَ هَؤُلَاءِ وَأَئِمَّتَهُمْ حَشْوِيَّةً هُمْ أَحَقُّ بِكُلِّ وَصْفٍ مَذْمُومٍ يَذْكُرُونَهُ وَأَئِمَّةُ هَؤُلَاءِ أَحَقُّ بِكُلِّ عِلْمٍ نَافِعٍ وَتَحْقِيقٍ وَكَشْفِ حَقَائِقَ وَاخْتِصَاصٍ بِعُلُومِ لَمْ يَقِفْ عَلَيْهَا هَؤُلَاءِ الْجُهَّالُ الْمُنْكِرُونَ عَلَيْهِمْ الْمُكَذِّبُونَ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ. فَإِنَّ نَبْزَهُمْ بِالْحَشْوِيَّةِ: إنْ كَانَ لِأَنَّهُمْ يَرْوُونَ الْأَحَادِيثَ بِلَا تَمْيِيزٍ؛ فَالْمُخَالِفُونَ لَهُمْ أَعْظَمُ النَّاسِ قَوْلًا لِحَشْوِ الْآرَاءِ وَالْكَلَامِ الَّذِي لَا تُعْرَفُ صِحَّتُهُ بَلْ يُعْلَمُ بُطْلَانُهُ وَإِنْ كَانَ: لِأَنَّ فِيهِمْ عَامَّةً لَا يُمَيِّزُونَ؛ فَمَا مِنْ فِرْقَةٍ مِنْ تِلْكَ الْفِرَقِ إلَّا وَمِنْ أَتْبَاعِهَا مَنْ أَجْهَلُ الْخَلْقِ وَأَكْفَرُهُمْ وَعَوَامُّ هَؤُلَاءِ هُمْ عُمَّارُ الْمَسَاجِدِ بِالصَّلَوَاتِ وَأَهْلُ الذِّكْرِ وَالدَّعَوَاتِ وَحُجَّاجُ الْبَيْتِ الْعَتِيقِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَأَهْلُ الصِّدْقِ وَالْأَمَانَةِ وَكُلُّ خَيْرٍ فِي الْعَالَمِ. فَقَدْ تَبَيَّنَ لَك أَنَّهُمْ أَحَقُّ بِوُجُوهِ الذَّمِّ وَأَنَّ هَؤُلَاءِ أَبْعَدُ عَنْهَا وَأَنَّ الْوَاجِبَ عَلَى الْخَلْقِ أَنْ يَرْجِعُوا إلَيْهِمْ؛ فِيمَا اخْتَصَّهُمْ اللَّهُ بِهِ مِنْ الْوِرَاثَةِ النَّبَوِيَّةِ الَّتِي لَا تُوجَدُ إلَّا عِنْدَهُمْ.