للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَأَيْضًا فَيَنْبَغِي النَّظَرُ فِي الْمَوْسُومِينَ بِهَذَا الِاسْمِ وَفِي الْوَاسِمِينَ لَهُمْ بِهِ: أَيُّهُمَا أَحَقُّ؟ وَقَدْ عُلِمَ أَنَّ هَذَا الِاسْمَ مِمَّا اُشْتُهِرَ عَنْ الْنُّفَاةِ مِمَّنْ هُمْ مَظِنَّةُ الزَّنْدَقَةِ كَمَا ذَكَرَ الْعُلَمَاءُ - كَأَبِي حَاتِمٍ وَغَيْرِهِ - أَنَّ عَلَامَةَ الزَّنَادِقَةِ تَسْمِيَتُهُمْ لِأَهْلِ الْحَدِيثِ حَشْوِيَّةً. وَنَحْنُ نَتَكَلَّمُ بِالْأَسْمَاءِ الَّتِي لَا نِزَاعَ فِيهَا مِثْلُ: لَفْظِ " الْإِثْبَاتِ؛ وَالنَّفْيِ " فَنَقُولُ: مِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ هَذَا مِنْ تَلْقِيبِ بَعْضِ النَّاسِ لِأَهْلِ الْحَدِيثِ الَّذِينَ يُقِرُّونَهُ عَلَى ظَاهِرِهِ. فَكُلُّ مَنْ كَانَ عَنْهُ أَبْعَدَ كَانَ أَعْظَمَ ذَمًّا بِذَلِكَ: كَالْقَرَامِطَةِ ثُمَّ الْفَلَاسِفَةِ ثُمَّ الْمُعْتَزِلَةِ وَهُمْ يَذُمُّونَ بِذَلِكَ الْمُتَكَلِّمَةَ الصفاتية مِنْ الْكُلَّابِيَة والكَرَّامِيَة وَالْأَشْعَرِيَّةِ وَالْفُقَهَاءِ وَالصُّوفِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ. فَكُلُّ مَنْ اتَّبَعَ النُّصُوصَ وَأَقَرَّهَا سَمَّوْهُ بِذَلِكَ وَمَنْ قَالَ بِالصِّفَاتِ الْعَقْلِيَّةِ مِثْلِ: الْعِلْمِ وَالْقُدْرَةِ؛ دُونَ الْخَبَرِيَّةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ سَمَّى مُثْبِتَةَ الصِّفَاتِ الْخَبَرِيَّةِ حَشْوِيَّةً كَمَا يَفْعَلُ أَبُو الْمَعَالِي الجُوَيْنِي وَأَبُو حَامِدٍ الْغَزَالِيُّ وَنَحْوُهُمَا. وَلِطَرِيقَةِ أَبِي الْمَعَالِي كَانَ أَبُو مُحَمَّدٍ يَتْبَعُهُ فِي فِقْهِهِ وَكَلَامِهِ لَكِنْ أَبُو مُحَمَّدٍ كَانَ أَعْلَمَ بِالْحَدِيثِ وَأَتْبَعَ لَهُ مِنْ أَبِي الْمَعَالِي وَبِمَذَاهِبِ الْفُقَهَاءِ. وَأَبُو الْمَعَالِي أَكْثَرُ اتِّبَاعًا لِلْكَلَامِ وَهُمَا فِي الْعَرَبِيَّةِ مُتَقَارِبَانِ. وَهَؤُلَاءِ يَعِيبُونَ مُنَازِعَهُمْ إمَّا لِجَمْعِهِ حَشْوَ الْحَدِيثِ مِنْ غَيْرِ تَمْيِيزٍ بَيْنَ صَحِيحِهِ وَضَعِيفِهِ. أَوْ لِكَوْنِ اتِّبَاعِ الْحَدِيثِ فِي مَسَائِلِ الْأُصُولِ مِنْ مَذْهَبِ