كَمَا لَوْ شَهِدَ شَاهِدَانِ عِنْدَ الْحَاكِمِ وَقَدْ غَلِطَا فِي الشَّهَادَةِ فَهُوَ مَأْمُورٌ أَنْ يَحْكُمَ بِشَهَادَةِ مَا شَهِدَا بِهِ مُطْلَقًا لَمْ يُؤْمَرْ بِغَيْرِ مَا شَهِدَا بِهِ فِي هَذِهِ الْقَضِيَّةِ. وَلِهَذَا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {إنَّكُمْ تَخْتَصِمُونَ إلَيَّ وَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَنْ يَكُونَ أَلْحَنَ بِحُجَّتِهِ مِنْ بَعْضٍ وَإِنَّمَا أَقْضِي بِنَحْوِ مِمَّا أَسْمَعُ فَمَنْ قَضَيْت لَهُ مِنْ حَقِّ أَخِيهِ شَيْئًا فَلَا يَأْخُذْهُ؛ فَإِنَّمَا أَقْطَعُ لَهُ قِطْعَةً مِنْ النَّارِ} فَهُوَ إذَا ظَهَرَتْ لَهُ حُجَّةُ أَحَدِهِمَا فَلَمْ يَذْكُرْ الْآخَرُ حُجَّتَهُ فَقَدْ عَمِلَ بِمَا ظَهَرَ لَهُ وَلَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إلَّا وُسْعَهَا وَهُوَ مُطِيعٌ لِلَّهِ فِي حَقِّهِ مِنْ جِهَةِ قُدْرَتِهِ وَعِلْمِهِ لَا مِنْ جِهَةِ كَوْنِ ذَلِكَ الْمُعَيَّنِ أَمَرَ اللَّهُ بِهِ؛ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَأْمُرُ بِالْبَاطِلِ وَالظُّلْمِ وَالْخَطَأِ وَلَكِنْ لَا يُكَلِّفُ نَفْسًا إلَّا وُسْعَهَا وَهَذَا يَتَنَاوَلُ الْأَحْكَامَ النَّبَوِيَّةَ وَالْخَبَرِيَّةَ.
وَالْمُجْتَهِدُ الْمُخْطِئُ لَهُ أَجْرٌ؛ لِأَنَّ قَصْدَهُ الْحَقُّ وَطَلَبَهُ بِحَسَبِ وُسْعِهِ وَهُوَ لَا يَحْكُمُ إلَّا بِدَلِيلِ كَحُكْمِ الْحَاكِمِ بِإِقْرَارِ الْخَصْمِ بِمَا عَلَيْهِ وَيَكُونُ قَدْ سَقَطَ بَعْدَ ذَلِكَ بِإِبْرَاءِ أَوْ قَضَاءٍ وَلَمْ يَقُمْ بِهِ حُجَّةٌ وَحُكْمُهُ بِالْبَرَاءَةِ مَعَ الْيَمِينِ وَيَكُونُ قَدْ اشْتَغَلَتْ الذِّمَّةُ بِاقْتِرَاضِ أَوْ ابْتِيَاعٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ لَكِنْ لَمْ يَقُمْ بِهِ حُجَّةٌ وَحُكِمَ لِرَبِّ الْيَدِ مَعَ الْيَمِينِ وَيَكُونُ قَدْ انْتَقَلَ الْمِلْكُ عَنْهُ أَوْ يَدُهُ يَدُ غَاصِبٍ؛ لَكِنْ لَمْ يَقُمْ بِهِ حُجَّةٌ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute