للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

نَعَمْ يُسْتَفَادُ مِنْ هَذَا الْمَعْنَى: أَنَّهُ إنَّمَا يُلَبِّي حَالَ سَيْرِهِ لَا حَالَ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ وَمُزْدَلِفَةَ وَحَالَ الْمَبِيتِ بِهَا. وَهَذَا مِمَّا اخْتَلَفَ فِيهِ أَهْلُ الْحَدِيثِ. فَأَمَّا التَّلْبِيَةُ حَالَ السَّيْرِ مِنْ عَرَفَةَ إلَى مُزْدَلِفَةَ وَمِنْ مُزْدَلِفَةَ إلَى مِنَى: فَاتَّفَقَ مَنْ جَمَعَ الْأَحَادِيثَ الصَّحِيحَةَ عَلَيْهِ.

وَاخْتَلَفَ النَّاسُ فِي أَكْلِ الْمُحْرِمِ لَحْمَ الصَّيْدِ الَّذِي صَادَهُ الْحَلَالُ وَذَكَّاهُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ: فَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ السَّلَفِ: هُوَ حَرَامٌ اتِّبَاعًا لِمَا فَهِمُوهُ مِنْ قَوْله تَعَالَى {وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا} . وَلِمَا ثَبَتَ {عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَنَّهُ رَدَّ لَحْمَ الصَّيْدِ لَمَّا أُهْدِيَ إلَيْهِ} . وَقَالَ آخَرُونَ مِنْهُمْ أَبُو حَنِيفَةَ: بَلْ هُوَ مُبَاحٌ مُطْلَقًا عَمَلًا بِحَدِيثِ {أبي قتادة لَمَّا صَادَ الْحِمَارَ الْوَحْشِيَّ وَأَهْدَى لَحْمَهُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَخْبَرَهُ بِأَنَّهُ لَمْ يَصِدْهُ لَهُ} كَمَا جَاءَ فِي الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ. وَقَالَتْ الطَّائِفَةُ الثَّالِثَةُ الَّتِي فِيهَا فُقَهَاءُ الْحَدِيثِ: بَلْ هُوَ مُبَاحٌ لِلْمُحْرِمِ إذَا لَمْ يَصِدْهُ لَهُ الْمُحْرِمُ وَلَا ذَبَحَهُ مِنْ أَجْلِهِ؛ تَوْفِيقًا بَيْنَ الْأَحَادِيثِ كَمَا رَوَى جَابِرٌ {عن النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: