للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَأَمَّا الْكُلَّابِيَة: فَيُثْبِتُونَ الصِّفَاتِ فِي الْجُمْلَةِ. وَكَذَلِكَ الْأَشْعَرِيُّونَ وَلَكِنَّهُمْ - كَمَا قَالَ الشَّيْخُ أَبُو إسْمَاعِيلَ الْأَنْصَارِيُّ -: الْجَهْمِيَّة الْإِنَاثُ. وَهُمْ مَخَانِيثُ الْمُعْتَزِلَةِ. وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ: الْمُعْتَزِلَةُ مَخَانِيثُ الْفَلَاسِفَةِ. وَقَدْ ذَكَرَ الْأَشْعَرِيُّ وَغَيْرُهُ هَذَا. لِأَنَّ قَائِلَهُ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّ جَهْمًا سَبَقَ هَؤُلَاءِ إلَى هَذَا الْأَصْلِ أَوْ لِأَنَّهُمْ مَخَانِيثُهُمْ مِنْ بَعْضِ الْوُجُوهِ. وَإِلَّا فَإِنَّ مُخَالَفَتَهُمْ لِلْفَلَاسِفَةِ كَبِيرَةٌ جِدًّا. وَالشِّهْرِسْتَانِي يَذْكُرُ عَنْ شُيُوخِهِمْ: أَنَّهُمْ أَخَذُوا مَا أَخَذُوا عَنْ الْفَلَاسِفَة. لِأَنَّ الشِّهْرِسْتَانِيّ إنَّمَا يَرَى مُنَاظَرَةَ أَصْحَابِهِ الْأَشْعَرِيَّةِ فِي الصِّفَاتِ وَنَحْوِهَا مَعَ الْمُعْتَزِلَةِ بِخِلَافِ أَئِمَّةِ السُّنَّةِ وَالْحَدِيثِ. فَإِنَّ مُنَاظَرَتَهُمْ إنَّمَا كَانَتْ مَعَ الْجَهْمِيَّة. وَهُمْ الْمَشْهُورُونَ عِنْد السَّلَفِ وَالْأُمَّةِ بِنَفْيِ الصِّفَاتِ. وَأَهْلُ النَّفْيِ لِلصِّفَاتِ وَالتَّعْطِيلِ لَهَا: هُمْ عِنْد السَّلَفِ يُقَالُ لَهُمْ: الْجَهْمِيَّة. وَبِهَذَا تَمَيَّزُوا عِنْدَ السَّلَفِ عَنْ سَائِرِ الطَّوَائِفِ. وَأَمَّا الْمُعْتَزِلَةُ: فَامْتَازُوا بِقَوْلِهِمْ بِالْمَنْزِلَةِ بَيْنَ الْمَنْزِلَتَيْنِ لِمَا أَحْدَثَ ذَلِكَ عَمْرُو بْنُ عُبَيْدٍ. وَكَانَ هُوَ وَأَصْحَابُهُ يَجْلِسُونَ مُعْتَزِلِينَ لِلْجَمَاعَةِ فَيَقُولُ قتادة وَغَيْرُهُ: أُولَئِكَ الْمُعْتَزِلَةُ وَكَانَ ذَلِكَ بَعْدَ مَوْتِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ فِي أَوَائِلِ الْمِائَةِ الثَّانِيَةِ.