وَالنَّاسُ هُنَا ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ: قَوْمٌ لَا يَقُومُونَ إلَّا فِي أَهْوَاءِ نُفُوسِهِمْ؛ فَلَا يَرْضَوْنَ إلَّا بِمَا يُعْطُونَهُ وَلَا يَغْضَبُونَ إلَّا لِمَا يحرمونه؛ فَإِذَا أُعْطِيَ أَحَدُهُمْ مَا يَشْتَهِيهِ مِنْ الشَّهَوَاتِ الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ زَالَ غَضَبُهُ وَحَصَلَ رِضَاهُ وَصَارَ الْأَمْرُ الَّذِي كَانَ عِنْدَهُ مُنْكَرًا - يُنْهَى عَنْهُ وَيُعَاقَبُ عَلَيْهِ؛ وَيَذُمُّ صَاحِبَهُ وَيَغْضَبُ عَلَيْهِ - مَرْضِيًّا عِنْدَهُ وَصَارَ فَاعِلًا لَهُ وَشَرِيكًا فِيهِ؛ وَمُعَاوِنًا عَلَيْهِ؛ وَمُعَادِيًا لِمَنْ نَهَى عَنْهُ وَيُنْكِرُ عَلَيْهِ. وَهَذَا غَالِبٌ فِي بَنِي آدَمَ يَرَى الْإِنْسَانُ وَيَسْمَعُ مِنْ ذَلِكَ مَا لَا يُحْصِيهِ. وَسَبَبُهُ: أَنَّ الْإِنْسَانَ ظَلُومٌ جَهُولٌ؛ فَلِذَلِكَ لَا يَعْدِلُ بَلْ رُبَّمَا كَانَ ظَالِمًا فِي الْحَالَيْنِ يَرَى قَوْمًا يُنْكِرُونَ عَلَى الْمُتَوَلِّي ظُلْمَهُ لِرَعِيَّتِهِ وَاعْتِدَاءَهُ عَلَيْهِمْ؛ فَيَرْضَى أُولَئِكَ الْمُنْكِرُونَ بِبَعْضِ الشَّيْءِ فَيَنْقَلِبُونَ أَعْوَانًا لَهُ. وَأَحْسَنُ أَحْوَالِهِمْ أَنْ يَسْكُتُوا عَنْ الْإِنْكَارِ عَلَيْهِ. وَكَذَلِكَ تَرَاهُمْ يُنْكِرُونَ عَلَى مَنْ يَشْرَبُ الْخَمْرَ وَيَزْنِي وَيَسْمَعُ الْمَلَاهِيَ حَتَّى يُدْخِلُوا أَحَدَهُمْ مَعَهُمْ فِي ذَلِكَ؛ أَوْ يَرْضَوْهُ بِبَعْضِ ذَلِكَ؛ فَتَرَاهُ قَدْ صَارَ عَوْنًا لَهُمْ. وَهَؤُلَاءِ قَدْ يَعُودُونَ بِإِنْكَارِهِمْ إلَى أَقْبَحِ مِنْ الْحَالِ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا وَقَدْ يَعُودُونَ إلَى مَا هُوَ دُونَ ذَلِكَ أَوْ نَظِيرِهِ. وَقَوْمٌ يَقُومُونَ دِيَانَةً صَحِيحَةً يَكُونُونَ فِي ذَلِكَ مُخْلِصِينَ لِلَّهِ مُصْلِحِينَ فِيمَا عَمِلُوهُ وَيَسْتَقِيمُ لَهُمْ ذَلِكَ حَتَّى يَصْبِرُوا عَلَى مَا أُوذُوا. وَهَؤُلَاءِ هُمْ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَهُمْ مِنْ خَيْرِ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute