الشَّرِيكِ الْآخَرِ مَا شَاءَ وَهُنَا عُمُومُ النَّاسِ عَلَيْهِمْ شِرَاءُ الطَّعَامِ وَالثِّيَابِ لِأَنْفُسِهِمْ؛ فَلَوْ مُكِّنَ مَنْ يَحْتَاجُ إلَى سِلْعَتِهِ أَنْ لَا يَبِيعَ إلَّا بِمَا شَاءَ لَكَانَ ضَرَرُ النَّاسِ أَعْظَمَ. وَلِهَذَا قَالَ الْفُقَهَاءُ: إذَا اُضْطُرَّ الْإِنْسَانُ إلَى طَعَامِ الْغَيْرِ كَانَ عَلَيْهِ بَذْلُهُ لَهُ بِثَمَنِ الْمِثْلِ فَيَجِبُ الْفَرْقُ بَيْنَ مَنْ عَلَيْهِ أَنْ يَبِيعَ وَبَيْنَ مَنْ لَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَبِيعَ وَأَبْعَدُ الْأَئِمَّةِ عَنْ إيجَابِ الْمُعَاوَضَةِ وَتَقْدِيرِهَا هُوَ الشَّافِعِيُّ؛ وَمَعَ هَذَا فَإِنَّهُ يُوجِبُ عَلَى مَنْ اُضْطُرَّ الْإِنْسَانُ إلَى طَعَامِهِ أَنْ يُعْطِيَهُ بِثَمَنِ الْمِثْلِ. وَتَنَازَعَ أَصْحَابُهُ فِي جَوَازِ التَّسْعِيرِ لِلنَّاسِ إذَا كَانَ بِالنَّاسِ حَاجَةٌ وَلَهُمْ فِيهِ وَجْهَانِ. وَقَالَ أَصْحَابُ أَبِي حَنِيفَةَ: لَا يَنْبَغِي لِلسُّلْطَانِ أَنْ يُسَعِّرَ عَلَى النَّاسِ إلَّا إذَا تَعَلَّقَ بِهِ حَقُّ ضَرَرِ الْعَامَّةِ فَإِذَا رُفِعَ إلَى الْقَاضِي أَمْرُ الْمُحْتَكِرِ بِبَيْعِ مَا فَضَلَ عَنْ قُوتِهِ وَقُوتِ أَهْلِهِ عَلَى اعْتِبَارِ السِّعْرِ فِي ذَلِكَ فَنَهَاهُ عَنْ الِاحْتِكَارِ فَإِنْ رُفِعَ التَّاجِرُ فِيهِ إلَيْهِ ثَانِيًا حَبَسَهُ وَعَزَّرَهُ عَلَى مُقْتَضَى رَأْيِهِ زَجْرًا لَهُ أَوْ دَفْعًا لِلضَّرَرِ عَنْ النَّاسِ فَإِنْ كَانَ أَرْبَابُ الطَّعَامِ يَتَعَدَّوْنَ وَيَتَجَاوَزُونَ الْقِيمَةَ تَعَدِّيًا فَاحِشًا وَعَجَزَ الْقَاضِي عَنْ صِيَانَةِ حُقُوقِ الْمُسْلِمِينَ إلَّا بِالتَّسْعِيرِ: سَعَّرَ حِينَئِذٍ بِمَشُورَةِ أَهْلِ الرَّأْيِ وَالْبَصِيرَةِ. وَإِذَا تَعَدَّى أَحَدٌ بَعْدَ مَا فَعَلَ ذَلِكَ أَجْبَرَهُ الْقَاضِي. وَهَذَا عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ ظَاهِرٌ حَيْثُ لَا يَرَى الْحَجْرَ عَلَى الْحُرِّ وَكَذَا عِنْدَهُمَا أَيْ عِنْدَ أَبِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute