لَأَلْزَمْنَاهَا بِثَلَاثَةِ قُرُوءٍ: فَعُلِمَ أَنَّ الْمُطَلَّقَةَ عَلَيْهَا ثَلَاثَةُ قُرُوءٍ مُطْلَقًا وَأَنَّ هَذِهِ لَمَّا زَالَ نِكَاحُهَا بِغَيْرِ طَلَاقٍ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهَا ثَلَاثَةُ قُرُوءٍ. فَلَا يُقَالُ: إنَّ كُلَّ مُعْتَدَّةٍ مِنْ مُفَارَقَةِ زَوْجٍ فِي الْحَيَاةِ عَلَيْهَا ثَلَاثَةُ قُرُوءٍ؛ بَلْ هَذَا مَنْقُوضٌ بِهَذِهِ بِالنَّصِّ وَالْإِجْمَاعِ.
فَصْلٌ:
وَهَذَا الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ وَالسُّنَّةُ وَآثَارُ أَكَابِرِ الصَّحَابَةِ - كَعُثْمَانِ وَغَيْرِهِ - مِنْ أَنَّ عِدَّةَ الْمُخْتَلَعَة: حَيْضَةٌ وَاحِدَةٌ: يَزُولُ بِهِ الْإِشْكَالُ فِي مَسْأَلَةِ " تَدَاخُلِ الْعِدَّتَيْنِ ": كَمَا إذَا تَزَوَّجَتْ الْمَرْأَةُ فِي عِدَّتِهَا بِمَنْ أَصَابَهَا؛ فَإِنَّ الْمَأْثُورَ عَنْ الصَّحَابَةِ كَعُمَرِ وَعَلِيٍّ: أَنَّهَا تُكْمِلُ عِدَّةَ الْأَوَّلِ ثُمَّ تَعْتَدُّ مِنْ وَطْءِ الثَّانِي فَعَلَيْهَا تَمَامُ عِدَّةِ الْأَوَّلِ وَعِدَّةٌ لِلثَّانِي. وَبِهِ أَخَذَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ: كَمَالِكِ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَد. وَاخْتَلَفَ عُمَرُ وَعَلِيٌّ: هَلْ تُبَاحُ لِلْأَوَّلِ بَعْدَ قَضَاءِ الْعِدَّتَيْنِ؟ فَقَالَ عُمَرُ: لَا يَنْكِحُهَا أَبَدًا. وَبِهِ أَخَذَ مَالِك. وَقَالَ عَلِيٌّ: هُوَ خَاطِبٌ مِنْ الْخُطَّابِ وَبِهِ أَخَذَ الشَّافِعِيُّ. وَعَنْ أَحْمَد رِوَايَتَانِ. وَأَمَّا أَبُو حَنِيفَةَ فَعِنْدَهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهَا إلَّا عِدَّةٌ وَاحِدَةٌ مِنْ الثَّانِي وَتُدْخِلُ فِيهَا بَقِيَّةَ عِدَّةِ الْأَوَّلِ وَذَكَرَ بَعْضُ أَصْحَابِهِ أَنَّ هَذَا الْقَوْلَ مَنْقُولٌ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ؛ لَكِنْ لَمْ نَعْرِفْ لِذَلِكَ إسْنَادًا. فَنَقُولُ بِتَدَاخُلِ الْعِدَّتَيْنِ؛ فَإِنَّ الْعِدَّةَ حَقٌّ لَهُ؛ إذْ لَوْ أَرَادَ الزَّوْجُ إسْقَاطَهَا لَمْ يُمْكِنْهُ ذَلِكَ فَدَخَلَ بَعْضُهَا فِي بَعْضٍ: كَالْحُدُودِ؛ وَالْكَفَّارَاتِ؛ فَإِنَّهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute